عبدالعزيز بن سعود المتعب
لطالما تخللّت «الحكمة» بعض أغراض الشعر الفصيح وصنوه الشعبي، من ذلك قصائد شهيرة لكبار الشعراء الشعبيين -يُستشهد- بنماذج منها في (المجالس التي هي مدارس للأجيال) في خضم المواقف التي تكشف المعادن لمن يختلط عليه الأمر في معرفة الناس.
من ذلك تجسيد الشاعر محمد القاضي -رحمه الله- (1224- 1285هـ) لفئة منهم مُعرّياً تلونهم ومآربهم:
حذراك خلاّن الرخا عدّهم قوم
خلاّن من دامت نعيمه ودامي
إلى أدبرت دنياك عَدُّوك معدوم
مروّك ما ردّوا عليك السلامي
وعن تفعيل الفطنة وتمحيص مواقف الآخر والتأني في عدم منح حسن الظن لمن هو غير أهل له، يقول شاعر بني تميم عبدالله بن صقية التميمي -رحمه الله-:
اللِّي يريد الطيب يبعد عن العيب
ما ينسكن قصرٍ تبيّن عيابه
الحر ميقاعه بروس الشخانيب
ياللِّي عليك طيور دارك تشابه
كما وضّح الشاعر الأمير محمد بن أحمد السديري -رحمه الله- الصفات الذميمة في بعض من يخدعون الناس في مظاهرهم الخداعة التي هي خلاف جواهرهم السيئة:
احذر ترى بالناس مبغض وختّال
ماله مراجل كود شذب العراقيب
ولا يغرّك بالرخم كبر الأزوال
وكبر النسور المهدفات المحاديب
ومن شوارد الشعر الشعبي هذه الأبيات للشاعر سليمان بن شريم -رحمه الله- فحواها نبل ومروءة ووفاء منه لمن يستحق حتى وإن كانت آخر مواقفه تجاهه تضر ولا تسر:
ولا نيب أجازي راعي الطيب بالردى
وأنا خابرٍ ما أدركت يذكر من أفعالي
أجازيه بالحسنى على الطيب والنقا
وأشيّع ثنا مجده على روس الأقذالي
(ولو باربي تالي زماني وحسّني
مقادم كراماته تكفّي عن التالي)
وعن المعاملة بالمثل يقول الشاعر عبدالرحمن العطاوي:
إن كان لاجيتك تجي جيت يمّك
وإن كان أجيك ولا تجي تبت ما أجيك
مانيب أخوك أصغر ضنا أبوك وأمك
رجلٍ على ما طالني منك أجازيك
- وقفة: للشيخ راكان بن حثلين -رحمه الله-:
الذم ما يهفي للأجواد ميزان
والمدح ما يرفع ردي المشاحي