د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تمتلك السعودية أكبر احتياطي للبترول في العالم، وهي أكبر منتج للبترول في أوبك+، وفي ظل تذبذب إيرادات صادرات النفط الخام، فيما التسارع للبتروكيماويات خلال السنوات القادمة ستنمو بنسبة 60 في المائة حتى 2040، وأكثر من ثلث النمو في الطلب العالمي على النفط بحلول 2030، وما يقرب من نصف النمو في 2050، فهو الجزء الوحيد المتنامي من الطلب العالمي على النفط، وتستهلك حالياً 14 في المائة أو 13 مليون برميل يومياً أو 300 مليار متر مكعب من الغاز وسترتفع حاجتها للنفط من 8 في المائة حالياً إلى 30 في المائة عام 2030 .
وحتى عام 2022 تبوأت سابك المرتبة الرابعة عالمياً في صناعة البتروكيماويات لدول لا تمتلك نفطاً كألمانيا والصين، ما يجعل السعودية تصر على أن تتصدر عالمياً في صناعة البتروكيماويات، كما تتصدر في إنتاج النفط عالمياً، وتتحول من البتروكيماويات الأساس حتى البتروكيماويات المتخصصة، متجاوزة عملية التكرير، باعتبار أن البتروكيماويات جزء أساسي من الصناعة الكيميائية، وتلعب دوراً حيوياً في المجتمعات الإنسانية والاقتصاد، فالمنتجات المصنعة من البتروكيماويات مثل البلاستيك والأسمدة وأكياس التعبئة والأجهزة الإلكترونية والمعدات الطبية والمنظفات والإطارات حتى ألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح وأجزاء من المركبات الكهربائية، وهي بالتالي جزء لا يتجزأ من حياتنا الحديثة.
ووفقاً لتقرير أصدرته وكالة الطاقة الدولية حول مستقبل البلاستيك أشار التقرير إلى أن تزايد أهمية البلاستيك باعتباره المادة الأسرع نمواً في العالم، مقارنة بغيره من المواد مثل الصلب والألمنيوم وغيرهما، لذلك تستهدف السعودية تحويل 4 ملايين برميل من السوائل لمواد كيماوية محلياً وعالمياً بحلول 2030 من خلال بناء مجمع بتروكيماويات جديد بالشراكة بين أرامكو التي استحوذت على 70 في المائة من أسهم سابك وشركة توتال إنرجي حصة أرامكو 62.5 في المائة، والنسبة الباقية لتوتال إنرجي.
يتضمن المجمع أول وحدة تكسير مختلطة اللقيم في المنطقة تدمج مع مصفاة ويحمل المجمع اسم أميرال، ومن المقرر دمجه مع مصفاة ساتورب الواقعة في الجبيل، ومن المتوقع أن تمكين المصفاة من تحويل الغازات المنبعثة من المصافي المنتجة وتحويلها إلى مواد كيميائية عالية القيمة على أن يبدأ التشغيل بحلول 2027، وتوسيع استثماراتها في منطقة آسيا، بجانب تأسيس منشاة ضخمة تضم مصفاة ومجمع بتروكيماويات في الصين لتظل مورداً موثوقاً للطاقة والمواد الكيميائية.
ليس هدف المجمع فقط التوسع في إنتاج البتروكيماويات عالمياً، بل أيضاً أن يوفر المواد الأولية لمصانع البتروكيماويات والكيميائيات المتخصصة الأخرى في الجبيل الصناعية من أجل تعزيز الصناعات التحويلية الرئيسية مثل ألياف الكربون، وزيوت التشحيم، وسوائل الحفر، والمنظفات، والمضافات الغذائية، وقطع السيارات، والإطارات، أي أن استهداف التوسع في صناعة البتروكيماويات التحويلية لزيادة الاستهلاك في السوق المحلية من البتروكيماويات الأساس من 15 في المائة إلى حوالي 40 في المائة من إجمالي الإنتاج المحلي للبتروكيماويات.
يعزِّز هذا التوسع المنظومة التي تعمل على تطوير حقول الغاز وعلى رأسها حقل الجافورة، لإنتاج أكثر من 650 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات، وأكثر من 380 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من غاز الإيثان، وهو ما سيساعد على توفير فرص للتوسع بشكل أكبر في صناعة البتروكيماويات، وخصوصاً أنه ينافس إنتاج البتروكيماويات في الولايات المتحدة التي أصبحت منخفضة التكلفة نتيجة لثورة الغاز الصخري، ما جعلها تنتج 40 في المائة من طاقة إنتاج البتروكيماويات العالمية القائمة على إيثان منخفض التكلفة لفضل إمداداتها من الغاز الطبيعي غير التقليدي، فالسعودية توجد اتجاهات جديدة حول العالم والظهور كمنتج جديد منخفض التكلفة منافسا للولايات المتحدة.
ما جعل أرامكو تواصل هذا التوسع، ففي ديسمبر 2022 وقعت أرامكو مع الشركة الصينية سنوبك للنفط والكيماويات وسابك في إنشاء مجمع بتروكيماويات جديد يدمج مع المصفاة القائمة في ينبع، بالإضافة إلى مشروع مشترك بين أرامكو وسابك لتحويل البترول إلى بتروكيماويات في مدينة راس الخير بسعة تبلغ 400 ألف برميل يومياً، كما أرست أرامكو وسابك عقداً على مجموعة كيه بي آر الهندسية الأميركية لإدارة مجمع لتحويل 45 في المائة من النفط الخام إلى كيماويات مباشرة الذي يعد المشروع الأضخم في العالم، ومن المتوقع أن يصبح هذا المشروع في عام 2030 من أهم المشاريع التي تسهم في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية لأنه يضطلع بدور محوري في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق التنوع الاقتصادي والتحول من تصدير النفط إلى تطوير منتجات صناعية عالية القيمة.
كذلك لدى أرامكو السعودية خطة طموحة لرفع إجمالي طاقة التكرير العالمية للشركة ما بين 8 إلى 10 ملايين برميل يومياً، وستضيف المواد الكيماوية المتخصصة والصناعات التحويلية بعداً لقطاع البتروكيماويات السعودي، وستنقل أرامكو مشاريع المصب إلى مرحلة جديدة من إنتاج المواد الكيميائية المتخصصة والتوسع في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تنتج منتجات نهائية عالية الجودة في قطاع تحويل المواد البتروكيماوية لإنشاء صناعة رائدة على مستوى العالم، وفي توجه إستراتيجي لتعظيم الفائدة من بيع النفط خاماً.