إيمان حمود الشمري
للأفكار وطن، وللفن أهل، يلتقيان سوياً تحت شعار (رسالة اللوحة وبوح الشعور) في معرض موطن أفكاري، الذي أطلقته هيئة الفنون البصرية في قصر حطين، احتفاءً بأهم الأفكار والأعمال الفنية والشعرية التي أبدعها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، والذي حظي بإقبال واهتمام واسع.
دايم السيف .. ذلك الاسم الذي نشأنا على أغانيه ((من بادي الوقت)) وحفظناها عن ظهر قلب، لنستدعيها في كل حدث نمر به، سواءً في (المعاناة) أو حتى لو (وطال السفر).. بقيت كلماته مرتبطة بذكرياتنا، لتجعل كلاً منا على حده يشعر وكأنه (مجموعة إنسان)...
رمز من رموز المملكة، أبدع بريشته وقلمه على حد السواء، وترك بصمة كبيرة في تاريخ الأغنية السعودية، يتوارث كلماته جيل تلو جيل، يستحق أن يُفرد له معرض فني يكرم مسيرته الفنية والأدبية، ويوثق الأثر الكبير الذي سجله عبر كلماته ولوحاته...
يستقبلك المعرض بلوحة للملك المؤسس المغفور له عبدالعزيز تعبر عن الاعتزاز بالوطن، ويضم عدة غرف وزوايا، تشمل الثقافة والفن، وتحتوي على مدوناته وأفكاره، مثل زاوية (إلهام الطبيعة) التي تضم لوحات جسدت الطبيعة بمنظوره الخاص، وتعددت فيها الجوانب الملهمة له، كالقرى والصحراء والمناخ، والخيل، واللغة العربية، وزاوية: (رحاب الشعر والفكر) التي حملت جدرانها قصائده وردود أكبر الشعراء عليها، والمحاورات والمخاطبات الشعرية التي دارت بين سمو الأمير خالد الفيصل، وبين قامات شعرية كبيرة مثل: سمو الأمير بدر بن عبدالمحسن، وسمو الشيخ محمد بن راشد، والدكتور غازي القصيبي رحمه الله، ولوحات عبارة عن ترجمة بصرية استوحاها واستجلب شخوصها من أكبر الشعراء العرب القدماء. ويتضح تأثر سمو الأمير بالفترة التي كان فيها أميراً لمنطقة عسير لمدة 37 عاماً، حيث تزاحمت الجدران بلوحات خاصة بجنوب المملكة وطبيعته الساحرة التي من الواضح أنها تركت أثراً كبيراً في نفسه وألهمته بالكثير من اللوحات والكلمات.
جولة تأخذك برحلة استثنائية بين القلم والريشة، خليط من المتعة والتشويق لرجل يعشق التفرد، ويجعلك تشرد بخيالك بعيداً عندما تقف عند كل لوحة وكل بيت شعري، لتتأمل وتعيش في عالم الإبداع الفني وعمق الكلمة والنغم، مع مؤثرات تصويرية وسمعية تم إضافتها لتثري تجربة الزائر، وتقدم له وجبة غنية من المتعة والثراء الفكري ..
تغادر المعرض ولكنه يأبى أن يغادرك.. لأنه جزء من شريط ذكرياتك الشخصية .. وتجد نفسك لا إرادياً محاصراً بكلمات تدندنها في نفسك بعد جولة ممتعة استدرجتك لمحطات استدعتها من الذاكرة، أنعشت ذائقتك الأدبية والفنية.