أ.د.صالح معيض الغامدي
في مسعى بعض كتاب السيرة الذاتية لتحقيق الشمولية في كتابة سيرهم الذاتية وتبيان مقدار الشفافية في سرد كل ما يتعلق بالأعمال التي قاموا بها في الوظائف والمناصب الإدارية التي تولوها، تُسرد عادة كثير من المبادئ التطويرية والمواقف الإدارية والخطط التطويرية التي تُبنيت في عملهم وآلياتها التنفيذية، وكذلك الأرقام والإحصاءات المرتبطة بطبيعة عملهم والمراسلات الإدارية والشكاوى.. وغيرها من الأمور الإدارية التفصيلية الأخرى. وهذا المسعى قد يضر بتماسك سيرهم الذاتية وتعثر تلقيها أكثر مما قد يفيدها في كثير من الأحيان، فقراء السيرة الذاتية ليسوا معنيين بهذه التفاصيل الدقيقة التي قد تهم شريحة صغيرة منهم فقط، بل هم مهتمون بمعرفة عصارة التجربة العامة التي أدار بها هذا المسؤول الوزارة أو المؤسسة التي عمل فيها، فكثير من القراء قد يصاب بالملل من كثرة المعلومات والتفاصيل الصغيرة فيضطره ذلك ربما إلى ترك مواصلة القراءة، أو إلى القيام بالقفز عليها إن هو واصل القراءة. كما أن من شأن إيراد هذه المعلومات والأرقام أن يقطع أمشاج سرد حياة الكاتب ويجعلها تبدو جزرا مبعثرة في خضم هذا البحر الجارف من المعلومات والتفاصيل المتخصصة جداً. وهذا من شأنه إضعاف ترابط سرد العمل السيرذاتي وتقطيع أوصاله.
كما أن الإفراط في إدراج عدد كبير من الصور المختلفة في السيرة الذاتية داخل النص قد يحد أيضاً من انسيابية السرد ويكون مشتتاً لذهن المتلقي وصارفاً له عن متابعة قصة حياة الكاتب. ولذلك ينبغي على كاتب السيرة الذاتية اختيار عدد قليل من الصور المهمة الدالة لكي تكون إضافة بصرية مميزة لسيرته الذاتية، وخصوصاً في المواطن التي قد تكون فيها الصورة أبلغ من الكلام.
إن على كتاب السيرة الذاتية وكاتباتها، إن هم أرادوا أن تكون سيرهم الذاتية آسرة وجذابة، أن يسعوا إلى تحقيق نوع من التوازن في سيرهم بين تضمينها بعض التفاصيل المهنية أو الوظيفية المهمة وتسليط الضوء على التجارب الشخصية الكلية والعواطف والرؤى الفريدة المكتسبة طوال الحياة المهنية بشكل عام، وذلك من خلال التركيز على الجانب الإنساني في الحياة المهنية لحياتهم، لكي تظل السيرة الذاتية مترابطة وملهمة وجاذبة للقراء.