خالد بن حمد المالك
تتصرّف إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين وكأنها لا ترغب في إيقاف الحرب، ولا تسعى لإزالة أسباب التوتر، ولا تريد معالجة أسباب الصراع بينها وبين الفلسطينيين، وكأنها تريد تأكيد موقفها من رفض إقامة دولة للفلسطينيين، مستخدمةً القوة في التصدي للمقاومة الفلسطينية, ومُنكرةً حقّهم في إقامة دولة لهم على جزء من أراضيهم المحتلة.
* *
يُعاب على المجتمع الدولي أنه يتعامل مع إسرائيل على أنها دولة مستثناة من العقوبات، ومن المساءلة، ومن تجريم أفعالها إلى حدِّ القبول بها، ودعمها، وتفهّم العالم لها، وإنكار ما هو ثابت من جرائم تقوم بها دون توقف ضد المدنيين الفلسطينيين، فها هو البيت الأبيض يرى أن ما تقوم به إسرائيل في غزة ليس إبادة جماعية، مع أن المشاهد تظهر أن الجيش الإسرائيلي يمارس حرباً عشوائية تهدم المنازل بمن فيها، ويتصرف على أن غزة يجب أن تكون أرضاً محروقة.
* *
الفلسطينيون لا يريدون أكثر من دولة على أراضيهم المحتلة في حدود عام 1967م، ومعهم العرب، ودول العالم المحبة للسلام، مع كل الضمانات لدولة إسرائيل، والتأكيد على التعايش بينها وبين دولة فلسطين ضمن قرارات الشرعية الدولية، وخيار الدولتين، غير أن إسرائيل تخاف من وجود دولة فلسطينية مجاورة، بتبريرات غير منطقية، ومماطلات الغرض منها إجهاض كل القرارات الدولية التي تعطي للفلسطينيين الحق في دولة مجاورة لإسرائيل.
* *
والدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لا تظهر أي مبادرات جادة لطي هذا الصراع، والبدء بخطوات تنفيذ خيار الدولتين، وكأنها تشرّع الاحتلال الإسرائيلي، وتنكر حقوق الفلسطينيين، خصوصاً وإسرائيل تعمل على تهجير الفلسطينيين، على مسمع من العالم، فقد تباحثت مع الكنغو على ترحيل جزء من سكان غزة، وتم التوصل إلى اتفاق على ذلك، وأن مناقشات مع دول أخرى تجري لهذا الغرض، وهناك تصريحات إسرائيلية بترحيل بعض سكان غزة إلى سيناء ومن الضفة الغربية إلى الأردن، وهو ما رفضته مصر والأردن.
* *
الحرب تدور الآن في غزة وفي الضفة الغربية، والخسائر كبيرة في صفوف المدنيين، وما من دولة من الدول الكبرى تصدت لهذا العدوان الإسرائيلي، أو جرّمت أعمال إسرائيل، بينما يتواصل الدعم الأمريكي والأوروبي بالسلاح، وقد يتصاعد القتال ويتطور إلى دول أخرى، فقد بدأ بلبنان وسوريا والعراق وإيران والحوثيين في اليمن، وما لم يوقف القتال، وتعالج أسبابه، فالأمن بالمنطقة في خطر.
* *
الحروب تبدأ بشرارة، وبطلقة واحدة، وتمتد كما النار في الهشيم، فحذار من ترك إسرائيل تواصل عدوانها، وتستمر في قتل الناس، ومن حرب لا تبقي ولا تذر، لأن خطورة ذلك لن تقتصر على مناطق الاشتباك، وإنما سيتأثر من تداعياتها العالم كله اقتصادياً وأمنياً والعاقل والحكيم من قرأ ما سيكون في المستقبل واتعظ من الحاضر، وأخذ الموقف والقرار والتصرف المناسب.