الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد العقيد الدكتور عبدالعزيز بن سليمان الحوشان الباحث في جرائم الأسرة أن الطفل الذي يعيش تحت ضغوط الأسرة سيكون معرضاً للقلق والضعف والخوف والتوتر، وهذه نتائج مخرجات عدم فهم وإدراك الأسرة لأساليب التمارين الصحيحة والمثالية، وعدم الاهتمام في مرحلة الطفولة والمراهقة التي لدى الشباب فالمجرم لا يصبح مجرماً بين عشية وضحاها فمخزونه من السلوكيات السلبية تفجر عندما وجد البيئة المنشطة والمحفزة لظهوره فأصبح الطفل ضائعاً متشرداً وأصبحت الأم دموعها على خدها مدى اليوم تنزف على فلذة كبدها وضياعه وتشرده مع قرناء السوء فيجب أن تكاتف الأسرة والعائلة لتحقيق مفهوم (أمهات بلا دموع).
وقال الدكتور عبدالعزيز الحوشان إن المراهقة مرحلة انتقالية في حياة الطفل من الطفولة إلى الرشد والبلوغ وهي تمتد خلال العقد الثاني من عمر الطفولة ويمكن تقسيمها إلى مرحلتين الأولى: تقع بين الثانية عشرة إلى السادسة عشرة وهي المرحلة ذات الأهمية في بناء شخصية الطفل ويبدأ فيها رسم الملامح لهذه الشخصية وهي مرحلة ذات أهمية للأسرة إذا رغبت إعداد الجيل وتكوين شخصية مثالية للطفل، أما المرحلة الثانية: وهي الأشد التي يمر بها الطفل حيث يحتاج إلى رعاية خاصة وهي من سن السابعة عشرة إلى تجاوز الواحدة والعشرين وهي التي تبدأ فيها علامات البلوغ في الزيادة حيث يكون هناك عدم تناسب بين النمو الجسمي والنمو العقلي فيبدأ الجسم بالنمو السريع مما يحدث تغيرات لدى الشاب وزيادة إفرازات الغدد مما يحدث تغيرات فسيولوجية لديه وتبدأ الغدد بزيادة الإفرازات مما يؤثر على جهاز العصب لدى الشاب وتبدأ التغيرات المزاجية عليه أكثر حدة وعدم استقرار في المزاج فيبدأ بالنفور من آراء الكبار ويثور ويتمرد عليها ويبدأ يصارع من أجل بناء شخصية مستقلة ومتحررة من هذه الآراء لكثرة نقدها مما يجعله لايقبل نقدها وأوامرها ويظهر على الشباب في هذه الأيام الطيشان أكثر من العصور الماضية التي كان فيها الشباب أكثر انصياعاً وطاعة للكبار نظراً لما يعانيه الشاب في هذا العمر من مغريات ومؤثرات سلوكية تجعلهم يتمردون على أي قيود تفرض عليهم، مشيراً إلى أن مفاهيم الأخلاق تغيرت حيث إن عدم فهم المراهق ومزاجيته يوقعه في متاهات الطرق وهذه إفرازات الضغوط النفسية والشدائد التي يتعرض لها من هذه المتغيرات الموجودة في وسائل الإعلام المختلفة والإنترنت وغيرها من الوسائل ومتغيرات البيئة الخارجية حوله أو البيئة الداخلية أثناء فترة الطفولة من مشاهد بعض البرامج التلفزيونية أو الألعاب الإلكترونية التي توفرها الأسرة له ضمن برامج الترويج وعدم انتقاء هذه البرامج بما يكفل صقل السلوك إلى النواحي الإيجابية, فهناك بعض الأسر لا تجيد كيفية التعامل مع المراهق، ناصحاً الأسرة أن تكون أكثر اهتماماً خلال هذه الفترة العمرية التي تحتاج إلى جهد في ضبط سلوك المراهق وعدم انفلاته من نظام الأسرة وعدم التمرد على سلطتها حتى لا يلجأ إلى سلطة الشارع التي تؤدي به إلى الهاوية, وهذه المرحلة تبدأ عملية البلوغ فيها زيادة في الهرمونات الجنسية الناتجة عن التغيرات الهرمونية وتبدأ أعضاء الجسمفي النمو السريع ويدخل الطفل في هذه المرحلة في بعض من المشاكل النفسية مثل: الخجل الذي ربما يؤدي به إلى الانطواء فهذه فترة تحتاج إلى رعاية خاصة حتى نستطيع ضبط سلوك الطفل إلى النواحي الإيجابية فهذا الانضباط حتماً سيكون له الأثر الإيجابي في صناعة مفاهيم الطفل إذا بلغ سن الشباب والرجولة من احترام النظام والانضباط العام في جميع نواحي الحياة. وشدد د.الحوشان على أن متابعة ضبط سلوك المراهق في هذه الفترة حتماً سوف يزيد لديه الثقة التامة في جميع أوامر الأسرة إذا حققت له الأمان والطمأنينة ذات الأثر العظيم في زيادة ثقته لاحقاً بعد انفصاله عن نظام الأسرة وبعد اكتمال النضوج واستكمال بناء الذات إذا تحقق هذا الهدف فإن الأسرة تثق برفع يدها عن رقابته وإذا دخل معترك الحياة سيكون هذا الضمير هو النظام الرقابي عليه في التوجيه والانضباط في الحياة واحترام قوانينها وصيانته من براثن الجريمة وتكون الأسرة قد حققت النجاح في تحقيق أهدافها في بناء الرقابة الذاتية لدى الأبناء، وإذا تحقق هذا الهدف لا خوف عليه من معترك الحياة وعلاقته مع الآخرين وإذا حدث خلاف ذلك فإن الأمر سيكون له أثر سلبي كبير لدى المراهق لعدم إدراك الأسرة لهذه المرحلة وأهميتها ومتابعة الطفل وتبدأ الصراعات بينه وبين الأسرة، ومن أسباب هذا الصراع الذي ربما لا تدركه بعض الأسر هو زيادة نمو الجسم وتضخم الصوت فالأسرة ترى أنه أصبح في مرحلة الرجولة وبدأت تنقد بعض تصرفاته غير المتوازنة لعدم تقديرها للخلل الواقع بين العمر العقلي والعمر الزمني فالجسم ضخم والتصرفات طفولية لأنها لا تدرك هذا الخلل والاضطراب بسبب أن النمو الجسمي أسرع من النمو العقلي، ومن هذا المفهوم تبدأ الصراعات وتبدأ المشاكل النفسية تظهر على المراهق ويبدأ في الدخول في مرحلة التمرد على الأسرة وعلى نظامها وعدم احترامه للأوامر التي تصدرها ويبدأ باللجوء إلى الشارع فيبدأ المراهق في دخول مرحلة الفوضى والانفلات والصراعات وربما دخوله في حالة من الانطواء والاكتئاب وينتقل إلى الدخول في مرحلة العدوانية لأي سلطة مفروضة عليه داخل البيئة الداخلية أو الخارجية وأقصد هنا الأسرة والمدرسة والمجتمع وتبدأ مرحلة الفوضى على أي نظام مفروض والدخول في مرحلة إشباع التمرد والاستعلاء على الأنظمة المفروضة عليه وتحقق الانتصار في نظره لهذه الشخصية التي بدأ في رسمها من خلال البيئة الخارجية التي بدأت في زيادةذا التمرد من خلال تفاعله معها, لذا يتضح أن البيئة الداخلية ذات المناخ الصحي تحدث عملية تكيف بين الطفل والأسرة، وكذلك البيئة الخارجية ذات الأخلاقيات الفاضلة تحدث تكيفاً بين الطفل ومجتمعه ومن هنا يصبح سلوكه مناسباً ليكون فاعلاً بالمجتمع, فالصورتان اتضحتا لنا في هذه المرحلة تماماً فإما أن يكون للأسرة دور إيجابي في ضبط السلوك وإكسابه موروثاً إيجابياً لهذا الشاب واكتسابه هذا الموروث يعود عليه بالنفع والفائدة وإخراج أفراد مجتمع مثالي انضباطي قادرٍ على إدارة دفة جميع النواحي باقتدار محترماً السلطة النظامية والمثالية أو يكون العكس هو السلوك السلبي الذي يعود عليه بالفوضى والتمرد على جميع الأنظمة ويصبح غير قادر على إدارة أنظمة حياته ويصبح فرداً غير نافع بالمجتمع وسلبياً فوضوياً متمرداً على سلطة القانون غير محترم للحياة العامة وأنظمتها غير مكترث بالمسؤوليات والسلطة لا يحترم حقوق الآخرين ولا يفهم شيئاً عن إدارة المقدرات لأنه لا يحمل موروثاً إيجابياً ولا يعرف إلا الفوضى التي كسبها من خلال عدم سيطرة الأسرة عليه وتعويده على الفوضى في حياته وأصبح نشاطه في الحياة مضاداً للمجتمع في الأنشطة.