رمضان جريدي العنزي
أزمة السير تمسك في عنق الرياض وتلابيبها، ولم تعد هناك أوقات افتراضية لفترات ذروة الأزمة المرورية، الشوارع تغرق في تكدس المركبات الكبير والصغيرة والشاحنات المجنونة التي تشبه الحيتان وكأنهم في صراع مرير ليس له حد أو نهاية، السائقون يغرقون في وحل الأزمة ودوامة الانتظار والضغط النفسي والعصبي والتأفف، الرياض تعيش أزمة مرورية خانقة حقيقة لا لبس فيها ولا جدال، مع الازدياد الملحوظ في أعداد السيارات التي تتحرك في اللحظة والثانية، الازدحام المروري في الرياض غير مسبوق نتيجة التضخم السكاني المتنامي والزيادة الدائمة في عدد السيارات، لقد أصبح الأمر لا يطاق.
شوارع الرياض الرئيسية والفرعية أصبح عبورها أشبه بالمستحيل في كل ساعات الليل والنهار، الرياض مدينة مختلفة ومغايرة عن كل مدن العالم وهي كل يوم تكبر وتتوسع وبمعدلات فاقت التصور، لقد كبرت في زمن قياسي قصير وفريد، إن التخلص من أسباب الازدحام المروري يكون بالوقوف على هذه الأسباب ودراستها جيدًا، وإيجاد الحلول المناسبة لكل سبب، بحيث يكون التطبيق عمليًا منعًا لأي ازدحامات مرورية، فالدول المتقدمة تتباهى بتنظيم السير ومستوى تنظيمها للشوارع، وهذا بحدّ ذاته يعكس صورة جميلة عن البلد، ويُشجع السياح على المجيء إلى البلد دون الخوف من الوقوع في وسط الزحام الذي يُسبب الانزعاج الكبير، فالناس عمومًا يبحثون عن الهدوء والراحة، علمًا أنّ الازدحام المروري يُسبب الإزعاج الكبير أو ما يُعرف بالتلوث الضوضائي والتلوث البيئي الناتج عن دخان المركبات.
توجد الكثير من المقترحات لمعالجة الإزدحام المروري، ومنها: تحسن قطاع النقل العام وتطويره وتكثيفه، زيادة بناء الجسور المحاذية للطرق، وإيجاد طرق بديلة، إدخال نظام النقل الذكي والذي يشجع على الاستخدام الجماعي للسيارات الخاصة، والذهاب للعمل بمركبة واحدة، لكل مجموعة من الأشخاص، بدلاً من شخص واحد لكل مركبة، تخصيص شوارع للمركبات الكبيرة مثل الشاحنات للحد من الاشتباكات المخيفة والمميتة التي تحدث بشكل يومي في الشوارع والطرق الرئيسية، بحيث تمنع هذه الشاحنات من المرور في الطرق الضيقة وأوقات الذروة وبأعداد محددة سلفاً، الإسراع في تنفيذ البقية الباقية من مشروع القطار، وضع عمر افتراضي للسيارات بحيث لا يمكن البيع والشراء فيها لقدمها ولعدم صلاحيتها والتي تستعملها العمالة في النقل والتوصيل والخدمات. إن التخلص من الأزمات المرورية الكثيرة يتطلب جهداً مضاعفاً من إدارة المرور الموقرة خاصة، لأن الأمر يقع على عاتقها، مع تضافر الجهود من بقية الإدارات الأخرى، إن العمل الجماعي بحاجة لإيجاد حلول جذرية سريعة غير آنية لهذه الظاهرة التي تستنزف الجهد والوقت والطاقات، والمبادرة لوضع حلول ناجحة لهذه المشكلة المقلقة، أمر مطلوب ومرغوب.
إن إعادة هندسة الطرق في الرياض مداخل ومحارج وأرصفة وتطوير بنيتها التحتية بشكل جذري، غاية في الأهمية والضرورة والمطلب، في الأخير إن الازدحام المروري الخانق في الرياض يشكل مشكلة حقيقية تستدعي البحث السريع وغير الآني من جميع الأطرافللبحث عن الحلول المناسبة للقضاء على هذا الازدحام المهول، حيث يتعين على الجميع العمل معاً قطاعًا حكوميًّا وقطاعًا خاصًّا وأفرادًا مجتمعين لتحقيق الأهداف وتحسين جودة الحركة المرورية في الرياض، والذي ينعكس بدوره على جودة الحياة والاقتصاد.