خالد بن حمد المالك
تقترب حرب غزة من نصف الشهر الرابع، ومن مجرياتها يبدو أنها ستستمر لشهور دون أن يكسر الجيش الإسرائيلي ظهر المقاومة، أو يحقق أهدافه المعلنة، رغم أنه يتعرض لخسائر بشرية كبيرة.
* *
وهذه الحرب الدموية التي خسر فيها الفلسطينيون أكثر من 100 ألف ما بين جريح وقتيل مرشحة لخسائر بشرية أكثر كون إسرائيل تمارس حرب إبادة وتطهير عرقي، وهو ما جعلها أمام محكمة العدل الدولية تُواجَه بجرائمها.
* *
تتحدث إسرائيل عن أنها تدافع عن أمنها واستقرارها، فكيف يستقيم هذا الكلام، ويؤخذ على وجهه الصحيح، وهي تقاتل في أرض محتلة، وتتهرّب من تنفيذ القرارات الدولية في إقامة دولة فلسطينية على أراضي الفلسطينيين التي تحتلها إسرائيل.
* *
وإسرائيل لا تكتفي باحتلال الأراضي الفلسطينية، وإنما امتد توسعها ليشمل أراضي في لبنان وسوريا، وتتحدث الآن عن أنها تُخطط للسيطرة على المنفذ الذي يربط الحدود المصرية بحدود غزة، مخالفة بذلك السيادة المصرية على أراضيها.
* *
وإسرائيل في كل تصرفاتها تتمتع بحماية أمريكية وأوروبية كما هو معروف، ما جعلها لا تلقي بالاً أو اهتماماً بأي قرارات دولية، وتتمنع في تنفيذها، حتى أن رئيس وزراء إسرائيل قال إنه لن يُوقّف الحرب حتى ولو صدر قرار بذلك من محكمة العدل الدولية.
* *
والمؤسف أن أمريكا سارعت قبل بدء محكمة العدل الدولية في نظرها لشكوى جنوب إفريقيا ضد ممارسة إسرائيل لحرب إبادة ضد الفلسطينيين في غزة من خلال إعلان الرئيس الأمريكي ووزير خارجيتها بأنه لا أساس ولا صحة لأي إبادة، دون أن يتركا فرصةً للقضاء ليقول كلمته، ما يعني أن واشنطن ضالعة في استمرار هذه الحرب.
* *
وما يحدث الآن من تصعيد، حيث دخلت أطرافٌ أخرى، كحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وعناصر مسلحة في سوريا، هو ما كانت المملكة ودول أخرى قد نبهت إليه مبكراً، مؤكدة أن تجنّب التصعيد يتحقق بإيقاف القتال، وبدء التفاهم لإيجاد حلول دائمة لمصدر هذا النزاع.
* *
الفرصة لاحتواء هذه التطورات المتسارعة لا زالت متاحة، ومن الضروري إيقاف العدوان على غزة، لأن استمراره يعني فيما يعنيه خلط الأوراق، وجعل المنطقة على فوهة بركان من عدم الاستقرار، وامتداداً تعريض مصالح العالم للخطر، مع استمرار التدخلات التي لها مصالح في عدم الاستقرار في هذه المنطقة المهمة.
* *
وفي ضوء ذلك، فإن المطلوب الآن وسريعاً العمل على عدم تفريغ مجلس الأمن من صلاحياته، والكف عن استخدام الفيتو لمنع قرارات يمكن أن تصدر لإيقاف الحرب، وبالتالي عدم تضرر أي جهة من تداعياتها، خاصة إذا رافق ذلك توافق بين أعضاء المجلس الدائمين على بدء المشاورات الجادة لتحقيق خيار الدولتين، وصولاً لمنع تكرار مثل هذه الحرب، وتجنب أي خلافات مستقبلية، وبدء التعاون بين إسرائيل وجيرانها إثر التزامها وموافقتها على منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، وفي قائمتها دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على أراضي حدود 1967م.