عبد العزيز الهدلق
ما الذي يحدث للمنتخب؟ فبعد إعلان تشكيلة المنتخب الأولية للمشاركة في كأس أمم آسيا والتي خلت من بعض الأسماء التي كانت تنتظرها الجماهير وكذلك الإعلام الرياضي، مثل سلمان الفرج وياسر الشهراني وسلطان الغنام، ظهرت أحاديث على الساحة الإعلامية تفيد أن عدم اختيار الغنام عائد لتفاهم سابق بينه وبين المدرب مانشيني، اختصاره أن الغنام أبدى للمدرب عدم رضاه على نهجه بالاعتماد على ثلاثة مدافعين في منطقة العمق وأنه لا يرغب في هذه الطريقة لذلك لم يتم اختياره.
وهذا شيء جديد إذا صح ما تم تناقله، نسمع لأول مرة، أن لاعباً يناقش المدرب في طريقة اللعب، ويبدي عدم رضاه، ويعتذر عن الانضمام إذا أصر المدرب على نهجه.
فاللاعب جندي في منتخب الوطن عليه الاستجابة فوراً عند طلبه، وتنفيذ ما يطلبه منه المدرب من واجبات، وتوجيهات، وليس دوره مناقشة المدرب في أسلوبه وطريقته، أو الاعتراض عليها. فهناك أجهزة إدارية مسؤولة يمكنه أن يرجع إليها عند وجود ملاحظة لديه. أما مواجهة المدرب مباشرة والاعتراض على طريقته فليس ذلك دوره، ولا ينبغي عليه أن يفعله، وفيه تجاوز كبير لمرجعيته كلاعب وهو الجهاز الإداري المسؤول عنه.
وما فعله الغنام -إن صح ذلك- شجع زميله حارس المرمى نواف العقيدي على مواجهة المدرب - كما يقال- بحده ومخاطبته بشكل مباشر بأنه لا يقبل أن يكون بديلاً، وأنه إن لم يكن حارساً أساسياً فليرجعه إلى فريقه وهذا ما تم، حيث صدر قرار المدرب بالاستغناء عنه.
ما هذه التطورات في العلاقة بين المدرب واللاعبين؟ كيف أصبح لاعبو المنتخب يواجهون المدرب بتحدٍّ، ويحاولون فرض آراءهم عليه من سمح لهم بذلك؟
لقد سقطت هيبة المدرب وفقد المدرب احترامه من قبل اللاعب.
بصراحة تلك الأفعال ما كانت لتصدر من اللاعبين لو كان هناك إدارة حازمة، تجعل اللاعب يعرف واجباته ويلتزم بها، وحدود علاقته مع المدرب ولا يتجاوزها.
للأسف جاء غياب الحزم الإداري مشجعاً لبعض اللاعبين لتجاوز حدودهم، وكأنهم أصحاب القرار الأول، وأن على المدرب أن يستمع لآرائهم وينفذ مطالبهم. إن تجاوز بعض اللاعبين على المدرب، ومناقشته بحدة، وجعله بين خيارين إما تنفيذ مطالبهم أو التخلي عن خدمة المنتخب، قبل أن يكون تجاوزاً على المدرب، فهو تجاوز على إدارة المنتخب، وعدم احترامها، ويوحي بأن هؤلاء اللاعبين لديهم شعور بأنهم في مأمن من المحاسبة والعقوبة.
منذ متى كان اللاعب يناقش مدرب المنتخب في طريقة اللعب، ويضعه بين خيار تغيير الطريقة أو عدم اختياره؟ لم نسمع بهذا من قبل.
ومنذ متى كان اللاعب يناقش المدرب في صلاحياته ويضعه بين خيار اللعب أساسياً أو العودة لفريقه؟ لم نسمع بهذا من قبل.
للأسف إن إدارة المنتخب أولاً ثم مجلس إدارة اتحاد الكرة بتراخيهم في حفظ حدود العلاقة بين اللاعب والمدرب، وبعدم حزمهم أمام تجاوزات بعض اللاعبين ساهمت في تلك الفوضى. وفي جعل اللاعب يقف أمام المدرب بقوة لفرض آرائه.
إن سماح إدارة المنتخب للاعب بمواجهة المدرب ومناقشته ووضعه أمام خيارات يفرضها اللاعب يعكس ضعف هذه الإدارة وهشاشتها. ويؤكد أن اللاعب لا يرى هذه الإدارة ولا يقيم لها وزناً.
ونحن اليوم أمام مفترق طرق في تحديد علاقة اللاعبين بمدرب المنتخب، إما تصدر عقوبات على المتجاوزين ليؤكد اتحاد الكرة أن للمدرب قيمته واحترامه، وأن اللاعب عندما يتجاوز تطبق بحقه العقوبة، وإما يتم تجاهل ما حدث، ومقابلته بموقف ضعيف، وعندها يتأكد للجميع أن اللاعب يتمتع فعلاً بقوة لا تستطيع إدارة المنتخب ولا مجلس إدارة الاتحاد مواجهتها.
زوايا
* المدرب في النادي أو المنتخب هو بمثابة معلم، فيما اللاعب تلميذ. عليه تلقي التعليمات والتوجيهات وتنفيذها. وتكون مناقشته مع المدرب في حدود الاستفسارات وكيفية تنفيذ التوجيهات فقط، وليس وضع شروط أمام المدرب.
* الشيء الذي لا يمكن تخيله أن هناك من اتخذ موقفاً مناصراً للاعبين ضد المدرب وبدأ في مهاجمة مانشيني والتقليل منه. عندما يطغى الميول ويعمي التعصب البصيرة.
* لا يستطيع لاعب نادٍ أن يقول لمدربه إما ألعب أساسياً أو أخرج من التشكيلة. فما بالكم يقولها لمدرب منتخب؟
* من أجل الوطن لاعبون شاركوا المنتخب والدماء تسيل من رؤوسهم. واسألوا عبدالرزاق أبو داود وصالح النعيمة، وياسر الشهراني الذي كاد يفقد حياته فداءً للوطن في مونديال الدوحة 2022.
* منتخب الوطن بالنسبة للاعب استجابة وفداء وتضحية. ولا مجال للمساومة على الخانة وفرض الآراء على المدرب.
* دائماً توتير أجواء المنتخب مصدرها واحد, إحداث الضجيج والتشكيك والإساءات والتضليل. ومهاجمة اللاعبين والمدربين والإداريين.
* بعد إصابة محمد العويس حارس مرمى المنتخب الأساسي معروف أن بديله العقيدي هو الذي سيكون أساسياً في كأس آسيا، فلماذا أثار العقيدي موضوع اللعب أساسياً مع المدرب؟ وما هدفه من ذلك؟ ولماذا جعل المدرب بين خيارين إما أن يلعب أساسياً أو يعود لفريقه؟ منذ متى كان اللاعبون يواجهون المدربين بهذه الجرأة؟