د. سامي الدجوي
قد تتشابه المنظمات في غاياتها وأهدافها، فمعظم المنظمات تهدف إلى تقديم خدمات للمراجعين أو بيع سلع للعملاء بطريقة مرضية لهم، وتسعى المنظمات إلى تقديم تلك الخدمات والسلع بجودة عالية. كذلك تتشابه بعض المنظمات - إلى حدٍّ ما - في مواردها التي تمتلكها، والتي منها الموارد المادية والمالية والبشرية. وربما تختلف تلك المنظمات فيما بينها في طريقة إدارة تلك الموارد، وهذا الاختلاف هو الذي يُميز المنظمات بعضها عن بعض. فنجد أن منظمة تعطي لموظفيها المكافآت على الأداء الجيد، فتحصل المنظمة نتيجةً لذلك على زيادة إنتاجية الموظفين ورضاهم الوظيفي.
ومن الطرائق الإدارية الجيدة التي يمكن للمنظمات الواعية استخدامها في عملها هو تحسين مستوى جودة حياة موظفيها، والمصطلح العلمي لهذه الطريقة هو «جودة الحياة العملية» (Quality of working life) أو يرمز لها باختصار (QWL)، وهي: توفير بيئة عمل مادية ومعنوية مناسبتين للموظفين تساعدهم على أداء أعمالهم وتُشعرهم بالأمان الوظيفي. ومن أمثلة على بيئة العمل المادية: العمل في ساعات مناسبة، وتوفير مكان عمل آمن، وإضاءة مناسبة، وتهوية صحية، وسهولة الاتصالات. أما أمثلة من بيئة العمل المعنوية: علاقة الرئيس بالمرؤوس، وتقارب الوصف الوظيفي مع إمكانيات وقدرات الموظف، والثقافة التنظيمية، وتثمين العمل الجيد، واستمرار في تطوير الموظفين.
تشترك المنظمة والموظف معًا في تحقيق جودة حياة العملية، فكل منهما له دور. فالمنظمة تُعطي الراتب المتفق عليه للموظف في الوقت المحدد - فهي بذلك تساهم في توفير بيئة عمل مادية للموظف. والموظف بالمقابل يقوم بأداء عمله وإنجاز مهامه على الوجه المطلوب. كذلك عندما تقوم المنظمة بوضع وتوضيح القوانين واللوائح الخاصة بها - فهي بذلك تساهم في توفير بيئة عمل معنوية للموظف. والموظف من خلال ذلك يقوم باتباع التعليمات. وكلما حسّنت المنظمة من مستوى جودة حياة موظفيها كلما شعر الموظفون بالتزامهم لأداء عملهم وإنجاز مهامهم بشكل أفضل، وبذلك تزداد إنتاجية الموظف وجودتها وتعود بالفائدة على المنظمة.
ومن أفضل الأمثلة الواقعية على تطبيق هذا المفهوم العلمي هي «برنامج جودة الحياة» الذي يسعى إلى رفع مستوى جودة حياة الفرد والأسرة والمجتمع في عدة جوانب منها: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية والترفيهية. هذا البرنامج ضمن برنامج رؤية المملكة 2030 والذي أسسه وأطلقه سمو سيدي ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، وهو يعمل على تحقيقه.
** **
- دكتوراه في الإدارة الإستراتيجية