د. إبراهيم بن جلال فضلون
باب قد رأيناه، منذ أمد بعيد فتحتهُ رؤية حالمة، سطرت بأفعالها لا أقوالها ما يعجز عنه التاريخ أن يكتبهُ، وكأن المؤرخين قد تعبوا من شدة سرعة الأحداث التي تتوالى سباقاً بأيادٍ سعودية بفخر وعز حول قادتها الحُكماء، ورسم مسارات استراتيجية لمستقبل المملكة في مختلف المجالات، ما يجعلها أمة استثنائية، ماضية في نهضة تنموية وفق رؤية 2030 وبرامجها الطموحة التي جعلت أقدامها راسخة ثابتةً لمكانتها المتقدمة عالمياً وفق مؤشرات وإحصائيات ذات أرقام جامدة لا غلو فيها... كونها بدأت من القاعدة المثلثية، لتعزيز وإرساء منظومة اجتماعية وصحية ممكّنة لبناء مجتمع قوي ومنتج.
ولعل ركائز رؤيتنا بأضلعها الثلاثة هي مزايا تنافسية فريدة من نوعها تتكامل وتتّسق مع بعضها: (المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح)، تُترجم قاعدة أسطورية لمثلث: (العمق العربي والإسلامي - القوة الاستثمارية، محوراً لربط للقارات الثلاث)، وفي العمق تجد أنعُم الله علينا بمقومات المُثلث الذهبي (جغرافية حضارية واجتماعية ديموغرافية واقتصادية متنوعة)، تمكنها من تبوؤ مكانة رفيعة بين الدول القيادية على مستوى العالم.
إن دلالات افتتاح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أعمال السنة الرابعة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظهما الله- له وقفة تُدرس بلاءات ثلاث: (رؤية وقاعدة ومقومات).
رؤية بعنان السماء: حققت فيها المملكة بأرقامها المتسارعة للأحداث في التنفيذ مراتب متقدمة في العديد من المجالات، فنراها نوعت الاقتصاد بعيداً عن النفط بإطلاق إمكانات القطاعات الاقتصادية الواعدة، ويدعم هذا قول مهندس الرؤية في كلمته: «أن لدى المملكة الكثير من الفرص الكامنة والثروات المتنوعة»، حيث ستسعى إلى أن تتبوأ مكانةً أكثر تقدماً بحلول عام (1452هـ - 2030م)، من خلال برنامج تطوير القطاع المالي، فتقدمت في أكثر من 50 % من مؤشرات التنمية المستدامة بالأمم المتحدة وكان اقتصادها الأسرع نمواً على مستوى G20 عام 2022 بمعدل 8 فاصل 7 % ونمواً في الناتج المحلي والناتج المحلي غير النفطي 4 فاصلة 8 % والأكثر تنافسية في العالم وحققت بلادنا أداءً تنافسياً في الربع الأول من عام 2023 سياحياً بنمو 64 %، وبالتالي نبهت الكلمة إلى أهم الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها بلادنا، في قوله: «سنواصل العمل في مسيرة نحو التحول بالاقتصاد الذي هو مستهدفات الرؤية لما تحقق من نتائج إيجابية يبشر بمزيد من النجاحات لتحقيق إصلاحات اقتصادية في المركز المالي للمملكة ويعزز النمو الاقتصادي الشامل لبلادنا».
مقومات بأيادٍ سعودية، صنعت المستحيل ببناء مستقبل مشرق مبنيّ على الثقافة الإسلامية، وهي تفخر بهويتها القومية الراسخة، واعتزازها بضيافة ضيوف الرحمن ممن وصل عددهم أكثر من مليون وثمانمائة ألف حاج وأكثر من عشرة ملايين معتمر خلال العام الماضي، بل واهتمامها البالغ بخدمة زائري المملكة وتوفير كل التيسيرات لهم على أكمل وجه.وما كان التحدي في الفوز بـ(إكسبو2030) وتقديم نسخة استثنائية وغير مسبوقة في تاريخ إقامة هذا المحفل العالمي، إلا قوة وطنية داخلية واستثماراً أمثل للفرص وطرح الحلول للتحديات التي تواجه كوكبنا اليوم، وتلك ثقة دولية بمكانة وريادة المملكة، وعاصمتها الرياض التي تُعد جسراً للعلاقات الدولية والملتقيات العالمية، وجهة جاذبة لأبرز المحافل الدولية والاستثمارات العالمية والزيارة، وبوابة للعالم.
قاعدة تُترجم ثوابت شامخة ذات رؤى حكيمة بنظرتها الشاملة التي تحظى بها على المستويين الإقليمي والدولي جمعت أكثر من مائة حدث دولي وعالمي، لعبت خلالها أدواراً كبرى لحل كثير من المشكلات والأزمات السياسية الدولية، من خلال فكرة التحديث الشامل والرؤية المستقبلية للمملكة «مركز القوة» خاصة في مواجهة الأحداث المؤلمة التي تعرض لها أشقاؤنا في غزة، ومشاركتها في الاجتماع الافتراضي الاستثنائي لقادة مجموعة بريكس والدول المدعوة للانضمام، بشأن تدهور الأوضاع في غزة، لوضع حد للأزمة، وتأكيد نهج المملكة الثابت والالتزام بالشرعية الدولية وقراراتها التي تحدد إطار السلوك العام للدول والمجتمعات.
ثلاثية: دأبت خلالها السعودية بـ (رؤية - قاعدة - مقومات) على ترسيخ مبادئ (العدل، والدبلوماسية، واحترام للعلاقات الدولية وعدم التدخل في الشؤون الدول الداخلية، وفق ثلاثية الأمم المتحدة: (التنمية المستدامة، والأمن والسلم، وحقوق الإنسان).. التي هلكت في غزة.