ميسون أبو بكر
لاحظت اهتماماً كبيراً للأوروبيين بالأفلام السينمائية السعودية والأعمال الفنية على نتفليكس، الفن نافذة على الآخر والسينما لها متابعوها الكثر عبر العالم، بل عشاقها، والتطبيقات على الإنترنت والاشتراكات سهلت متابعة الكثير من الأعمال.
الفن لا يقتصر على المتعة، بل المحتوى موضوع مهم، ولا بد من الاهتمام بالمادة أو النص في هذا الوقت واختياره بعناية، وتحويل النصوص الأدبية والروائية لأعمال فنية تثري الساحة وتقدم محتوى لائقاً كما أنها فرصة لإعطاء الآخر خلفية حقيقية وصورة المملكة المشرقة، والفن أسرع الطرق وأكثرها نجاحاً في وقت حاول الكثيرون تشويه الصورة وزرع صور ذهنية كاذبة ومزيَّفة في ذهن العالم البعيد عن الحقائق والشعوب المشغولة بضرائبها المرهقة وأعمالها اليومية الصعبة التي أشغلتها عن أحداث العالم واستقصاء الحقائق والاكتفاء بتلقي جرعات الأخبار السريعة المعلبة من قنوات مسيسة.
هناك أعمال فنية خلدها التاريخ وبقيت حتى اللحظة مثار إعجاب واهتمام ومشاهدة، مثل فيلم «الرسالة».. عظيم هذا العمل بصناعته الفنية الراقية التي استكملت شروط الإبداع والنجاح، وفي ظل وصول أفلام سينمائية سعودية لدور السينما العالمية مثل تشيلو، فالأمل كبير بأفلام أخرى يدعمها وجود ممثلين سعوديين رائعين.
بعض المعلومات المهمة ترسخ في ذهن المتلقي وخصوصاً أن قدمت بقالب فني لذلك لا بد أن نراعي صحة ودقة المعلومات، وأن لا يرتكز المنتجون على أفلام الآكشن والإثارة التي قد تفوز به كعمل وتضر بالمحتوى وبما نريد أن يصل للآخر.
قضايا كثيرة اجتماعية نود طرحها ونود أن تصل الآخر ويتوق لمشاهدتها ونتوق لعرضها بصورة فنية تشرح قضايانا التي يحاول البعض عرضها بطريقة مسيئة ومشوهة.
فيلم شوكولا العالمي لرواية جوان هاريس التي حملت ذات الاسم وحولتها روبرت نيسلون إلى سيناريو رائع وتؤدي الدور بروعة جولييت بيونسي التي لعبت دور الأم التي تحط رحالها في قرية فرنسية نائية مع ابنتها وتقوم بصنع الشوكولا التي غيّرت حياة القرية.
الفيلم الرومانسي تناول قصة حقيقية عانى منها المجتمع الأوروبي في حقبة معينة؛ ولأنه عمل أدبي كان له بريق مختلف وحضور عالمي وأنا شخصياً شاهدته ثلاث مرات ولم أمل منه.
ترجمت أعمال لأدباء عرب لأفلام لها حضورها مثل أعمال ليوسف السباعي ونجيب محفوظ وغسان كنفاني، كذلك لا أنسى «قصة من الأدب السعودي» وتحويلها لأعمال فنية ثرية حاكت البيئة السعودية وتفاصيلها، وقد قمت بعمل لقاءات تلفزيونية مع كتّاب وممثلين فيها كالأديب محمد قدس والفنان محمد بخش.
هذه هي الأعمال التي تدوم وتبقى وتحاكي الواقع بوعي، ونحن تواقون لمعرفة المزيد وسبر أغوار بلادنا الممتدة على مساحة قارة بكل الحضارات التي مرت فيها وأبطال ونساء خلدهم التاريخ وذاكرة إنسان هذه الأرض.
كذلك لكل مجتمع إرهاصاته ومراحله وسبقتنا دول أوروبية تناولتها في أعمال السينما بوعي وهي تاريخ لا يمكن تجاهله على ألا يعبث به مختل أو يستغله باحث عن مال أو شهرة بشكل مشوه.
السينما والفن صناعة يجب أن تقدم بخطوات مدروسة وبوعي بعيد عن العشوائية وأهداف مادية، ومرحباً بالأدب الإطار الجميل لهذه الأعمال.