د. غالب محمد طه
عندما أخبرتني ابنتي عفراء عن رغبتها وإخوتها في الذهاب «للرياض» في الإجازة المدرسية المطولة، للحاق ببعض فعاليات موسم الرياض الشتوي، لم يجل بخاطري أن وعكة صحية طارئة ستلم بي وتمنعني من مرافقتهم، ورغم ذلك كان لا بد لي من تشجيعهم على السفر -من دوني - لأتيح لهم المزيد من مساحات الثقة والاعتماد على النفس في هذه السن الصغيرة من أجل الاكتشاف والتعرّف على الواجهات الثقافية الحديثة التي أصبحت تتمتع بها المملكة وجعلت الموسم على كل شفاه وحلم يراود الأخيلة.
ولا أعتقد أن موسم الرياض يحتاج للكتابة عنه أو الدعاية له، بعد أن أثبت قدرته على الجذب والتأثير بما يقدمه من فعاليات مختلفة فهو مهرجان ترفيهي عالمي حوَّل مدينة الرياض إلى وجهة سياحية عالمية نجحت في استقطاب السياح من مختلف الجنسيات والأعمار.
ولعل النجاح الباهر والمستمر لموسم الرياض يلفت الانتباه إلى أهمية السياحة ومقدرتها في تنويع الاقتصاد السعودي من حيث جذب الاستثمارات، الأمر الذي يصب في تحقيق أحد برامج رؤية السعودية 2030، ونستشهد هنا بكلمة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال الخطاب الملكي الذي ألقاه أمام مجلس الشورى، حيث أشار إلى ما حققته المملكة في مجال السياحة من نمو بنسبة 64 %، في الربع الأول من عام 2023م، واصفًا ذلك بالأداء التاريخي، مؤكداً، على مواصلة العمل في مسيرة التحول الاقتصادي وفق مستهدفات الرؤية، قائلاً إن ما تحقق من نتائج إيجابية، يبشر بمزيد من النجاحات لتحقيق إصلاحات اقتصادية، وتقوية المركز المالي للمملكة بما يعزّز النمو الاقتصادي الشامل للمملكة.
إن البنية التحتية للسياحة اليوم بتنوعها وثرائها قادرة على جعل المملكة على رأس اهتمامات السياح من كل مكان.
فزيارة واحدة للاستمتاع بموسم الرياض وإن كانت سماعية كفيلة بأن تجعلك أحد زائريها الدائمين.
وبالرجوع إلى «عفراء وإخوتها» وقفت متأملاً ومتسائلاً وباحثاً هل تتوافر فعاليات مناسبة للأطفال في موسم الرياض؟ فعلمت أن منطقة بوليفارد وورلد تعد مدينةً ترفيهيةً متكاملة مليئة بالصور الجمالية، تتيح الفرصة للتعرّف على العالم من خلال الأنغام الموسيقية، والإيماءات الصامتة التي تحكيها الجداريات، والممرات والميادين المحاكية لمناطق وشوارع عالمية تنتمي لقارات ودول وثقافات عالمية متعددة، وتتيح متعة التعرّف على حضارات وثقافات العالم، حيث التجوّل بين مرافقها الخيالية، بالإضافة إلى العديد من التجارب والمغامرات الاستثنائية في كل منطقة من مناطقها الفريدة مما يضمن إضافة تجارب جديدة ومتنوعة للأطفال، فتيقنت أن زيارة موسم الرياض ستؤتي أكلها تجربة وفائدة ومعلومات تصقل سنوات عمرهم البضة وتسهم في تشكيل أدمغتهم الطرية.
لماذا لا تصبح مواسم الرياض قبلة للترفيه المباح؟
إذاً حدثونا عمّا موجود في أوربا، ليحدثكم موسم الرياض بثقة بأن فعالياته تضاهي ما هو موجود فيها. صفوا لنا ما يسحركم في أوربا نصف لكم ما يتوافر في المملكة من بنية سياحية داخلية تستند على إرث وتراث وتنوع.
ارسموا لنا مبهجات باريس ونيويورك ولندن والمالديف، وسيشل، واليونان، وجورجيا، وأوكرانيا وصفوا لنا ما يسحركم فيها لنعدد لكم أوصاف الملاهي ومناطق موسم الرياض في تحقيق الإشباع الترفيهي للزوار من حيث الخيارات الترفيهية المحلية والعالمية التي تلبي الشغف، وترضي طموحات الحالمين الباحثين عن أنواع مختلفة من الأنشطة والألعاب الرياضية والإلكترونية والاجتماعية.
يجب اليوم إزالة كل التصورات عن المملكة ونفض الغبار عن الأذهان ذات التنميط التقليدي وأن نعلن حقيقة أن المملكة تسير في الطريق الصحيح وبخطوات واثقة ومتسارعة منتصبة «القامة تمشي مرفوعة الهامة تمشي» وفي يدها كل عناصر الإبهار الحديث.
ولعل أكبر نجاح لموسم الرياض أن شاشة عرضه تتيح لمرتاديه مشاهدة نجوم بارزة على الطبيعة في الأدب والفن والثقافة والرياضة - عربية وعالمية - كانت تتهافت الأفئدة لمتابعتهم عبر القنوات الفضائية المفتوحة وربما لا يظهر بعضهم إلا عبر القنوات المشفرة كل هذا صار يقدم عبر عروض حية في المسارح المخصصة للعروض المسرحية والغنائية أو عبر الملاعب الرياضية التي صارت جاذبة لنجوم كرة القدم العالمية، حتى صار مشاهدة المشاهير في الفن والغناء والرياضة والمصارعة ... إلخ، وأعتقد أن هذا الكوكتيل الدسم يشبع كل الذائقة التي تبحث عن أوجه الترفيه المحلي والعالمي، والذي صار متنفساً لسكان المملكة ومقيميها وسياحها.
فمهرجان سنوي قادر على استقطاب أكثر من 10 ملايين زائر ويدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية جدير حقاً أن يكون الوجهة المثالية للسياحة العالمية.
ولعل ما فاتني من مشاهدات ثرية برفقة عائلتي في موسم الرياض «البوليفارد» أشبعه ذات يوم من خلال منطقة «بوليفارد Runway».
وأختم بأبيات بشار بن برد:
يا قَومِ أَذني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ
وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا
قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُم
الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانا