سهم بن ضاوي الدعجاني
عندما أطلقت منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عام 1991م، مبادرة «مستشفى صديق الطفل» (BFHI)، قبل 32 عاما، والتي قادت جهودا عالمية لحماية وتعزيز الرضاعة الطبيعية في مخلتف المجتمعات،كانت المنظمة تهدف إلى صناعة بيئة صحية داعمة للأمهات في المؤسسات الصحية عبر جرعات تدريبية نوعية لشريحة العاملين في تلك المؤسسات لنشر ثقافة الرضاعة الطبيعية، من خلال عدد من المعايير التي تضمنتها شهادة اعتماد مستشفى صديق للطفل منها: الامتثال للمدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم، واتباع سياسة تغذية الرضع بشكل روتيني للعاملين في تلك المستشفيات والأسر، وتطبيق أنظمة رصد وإدارة بيانات مستمرة، وضمن الممارسات السريرية يتم التركيز على مناقشة أهمية الرضاعة الطبيعية مع الحوامل وأسرهن وتيسير التلامس بين الأم والمولود وتقديم الدعم للامهات في البداية لمواصلة الرضاعة الطبيعية.
إن حصول أربعة مستشفيات تابعة لوزارة الصحة على لقب وشهادة الاعتماد باعتبارها «مستشفى صديق الطفل»، وهي: مستشفى النساء والولادة والأطفال في منطقة الجوف، ومستشفى ضرماء العام، ومستشفى حوطة بني تميم، ومركز صحي عروة بالمدينة المنورة،
إن هذا الإنجاز الحضاري لتلك المستشفيات على اختلاف تنوعها جغرافيا، له دلالات كثيرة وعميقة على وزارة الصحة دراستها وتحليلها لتحويل هذا الإنجاز إلى خارطة طريق تقود مرحلة التميز في جميع مرافق خدمات رعاية الأم في كافة مستشفياتنا والمراكز الصحية لتصبح مراكز تدعم الرضاعة الطبيعية، وهنا تذكرت عندما حصل مستشفى الملك فيصل التخصصي في 2021 على اعتماد «مستشفى صديق الطفل» والأجمل أن مستشفى الملك فيصل التخصصي قد حافظ على هذا الاعتماد منذ سنة 2004.
السؤال الحلم
متى تتحول «جهود» الممارسين الصحيين في تلك المستشفيات التي حققت إنجاز «مستشفى صديق الطفل» متى تتحول إلى ثقافة عمل؟ ومتى يتحول هذا الإنجاز إلى خارطة طريق؟ تعمل بها بقية مستشفيات المملكة، لتحقيق الصحة المستدامة وفق رؤية 2030، وهنا على وزارة الصحة عمل مذكرة تفاهم مع وزارة التعليم تستهدف مدارس البنات، لتسهم «نواتج التعلم» في المستقبل القريب في بناء «أمهات المستقبل» اللاتي يحرصن سلوكيا على الرضاعة الطبيعية، وبهذا نمنح مشروع «مستشفى صديق الطفل» حقه في «الاستدامة» في المجتمع السعودي، إضافة إلى مساهمة وزارة الإعلام في نشر رسائل هادفة من خلال خطة مدروسة لتعزيز هذا السلوك الحضاري تجاه أطفال المستقبل والذي يذكرنا بأمهاتنا رحمهن الله واللاتي جعلن من «الرضاعة الطبيعية» أولى الوجبات المقدسة تجاه أبنائهن، قبل أن تكون خطوة جميلة أغنتهن عن الكثير والكثير من «عمليات التجميل» وتمتعهن بالقوام الرشيق.