د. تنيضب الفايدي
لعلّه من الصُّدف المحبّبة إلى النفس أن تحدث مع شخص ما لقاءات تترك أثراً في النفس وفي الحياة، ولعلّ جزءاً من هذا القول كنتُ أكرره لزملائي المعلمين ومديري المدارس والمشرفين التربويين، وهو باختصار (أترك أثراً)، ولقد أتت هذه الكلمة مفعولها قبل أكثر من عشرين عاماً، ومن أحد عشر عاماً وُفقت لمن ترك أثراً طيّباً حتى في الذكريات، وهو صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور/ فيصل بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، فقد كان من الصّدف أن أتشرف بمرافقته في أول قدومه للسلام على المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ثم تمت لقاءات ضمن أهل المدينة مع سموه في الاجتماعات، وأتذكر وأنا مصاب في قدمي اليمنى بعد رحلتين شاقتين إلى تبوك لتحديد مصليات الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك (غزوة العسرة)، وحضرت لسموه اجتماعاً لأهل المدينة وكان جلوسي في أول قاعة الاستقبال الكبرى في القصر، وسلّم الجميع عليه ولم أستطع الذهاب إلى نهاية القاعة فجلست في مكاني، وأفاجأ بعد نهاية سلام الجميع على سموه بأنه قد قدم للسلام عليّ من نهاية القاعة وبصحبته صاحب السمو الملكي الأمير الخلوق/ سعود بن خالد الفيصل آل سعود، وسلّم عليّ وأنا لم أبرح مكاني، كما أن هناك مواقف متعددة لسموه الكريم معي شخصياً تدلّ على تقديره لكل أهل المدينة وأنا منهم.
وقد دعيت لوداع سموه مع أهل المدينة وأميرهم صاحب السمو الملكي الأمير/ سلمان بن سلطان آل سعود وفقه الله، ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير/ سعود بن خالد الفيصل آل سعود، ولكن ظروفي الصحية لم تسمح لي بالمجيء مع معاناتي بألم شديد في قدمي في نفس ليلة الوداع، وقد تذكرت بعض أبيات الوداع ( ويقرع السنّ) بمعنى الأسف الشديد لعدم وداع سموه ضمن الأهالي، لذلك وضعت العنوان ( يقرع السن على أن
لم يكن في وداعك )، وهذه لها تكملة:
ودَّعَ الصَبرَ مُحِبٌّ وَدَّعَك
ذائِعٌ مِن سِرِّهِ ما اِستَودَعَك
يَقرَعُ السِنَّ عَلى أَن لَم يَكُن
زادَ في تِلكَ الخُطا إِذ شَيَّعَك
يا أَخا البَدرِ سَناءً وَسَناً
حَفِظَ اللَهُ زَماناً أَطلَعَك
فوداعاً يا صاحب الخلق الرفيع وجزاك الله خيراً على ما قدمته لأهل المدينة، والحمد لله الخير (باسط)، مع أميرها الجديد وفقه الله وسدد خطاه بصحبة صاحب السمو الملكي الأمير/ سعود بن خالد الفيصل آل سعود، الأديب خلقاً وأخلاقاً وأسرة.