خالد بن حمد المالك
إذا كان ثمن الحرب مؤلماً، كما يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فلِم الإصرار على استمرارها، وإذا كانت حرب غزة بنتائجها المهولة من حيث القتلى والمصابين والمفقودين في الجانبين، فضلاً عن الدمار الشامل، بما يراه المنصفون بأنها حرب إبادة نسأل الجانب الإسرائيلي - وهو الطرف المعتدي - لماذا لا يكتفي بما أسفرت عنه هذه الحرب من نتائج مؤلمة ثم يوقف عدوانه؟
**
غياب العقل، وتعريض حياة الناس في الجانبين للموت دون هدف إسرائيلي مشروع، لا يمكن فهمه إلا أنه نوع من التسلّط، واستمراء صمت العالم أمام هذه المجزرة المفتوحة للقتل على الهوية، دون خوف من مساءلة أو محاسبة، أو الوصول إلى حلول واقعية، ينهي بها العالم أطول احتلال وآخر استعمار في العالم.
**
لتوقف إسرائيل عدوانها على غزة، ومن ثم يكون التوجه نحو معالجة أصل المشكلة، وليكون الحل بما يمكّن الفلسطينيين من إقامة دولتهم، وفي المقابل يضمن لإسرائيل البقاء والأمن والاستقرار بضمانات دولية لكلا الدولتين، باتجاه تحقيق السلام الدائم للمنطقة، والتعايش بين دولها، ما يزيل خوف إسرائيل من أن يُقضى عليها.
**
أفهم أن تخاف إسرائيل من المستقبل لأنها دولة محتلة، وزُرعت في قلب العالم العربي على الأراضي الفلسطينية بموجب وعد بلفور بإقامة دولة لليهود في الأراضي الفلسطينية، لكن مثل هذا الخوف لن يكون حاضراً مع الأخذ بخيار الدولتين، لكنه سيبقى يقض مضجع الإسرائيليين ما بقيت تل أبيب ترفض الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على أراضيهم في حدود 1967م.
**
نعم في ظل هذه السياسة الإسرائيلية المتعنتة، ووقوف دول العالم بين مؤيد لها، أو ملتزماً الصمت، سيظل الوضع الشائك على ما هو عليه، خاصة مع استثناء إسرائيل من أي محاكمة على أفعالها وجرائمها، ومن استخدام (الفيتو) الأمريكي ضد أي قرار ضدها، ما شجعها على التمسك بهذه السياسة غير الواقعية.
**
لقد أصبحت إسرائيل مع فشلها حتى الآن في تحرير الرهائن، وازدياد القتلى بين عناصر جيشها في حالة انقسام بين من يريد أن تتواصل الحرب، ومن يريد إيقافها حفاظاً على الرهائن وعلى عناصر الجيش من القتل، بينما يصر رئيس الوزراء ووزراء الحكومة الإسرائيلية المتطرفة إلى الاكتفاء بحني رؤوسهم إجلالاً للقتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، والتأكيد على مواصلة القتال.
**
الآن، وبعد مقتل 24 بين ضابط وجندي من جيش إسرائيل، فعلى إسرائيل ومن يدعمها مراجعة مواقفهم، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية الداعم العسكري والسياسي الأول لعدوان إسرائيل، لكي لا تستمر الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين من جهة، وعناصر الجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، وصولاً إلى وضع ترتيبات لوقف القتال، وتبادل الأسرى، وإقرار قيام الدولة الفلسطينية بصدق وجدية، بعيداً عن التصريحات التي تمرر حين تكون إسرائيل في أزمة دون فعل جاد.