سلطان المهوس
بالعودة إلى مايو 2011, فقد تجهزت القارة الآسيوية لإقامة صلاة الميت على كرتها, بعد إرهاصات دولية وتدخلات من المخلوع السويسري جوزيف بلاتر, ليصل الأمر لأن يكون كرسي الرئاسة بالوكالة « الصيني جي لونج» 2011-2013, لتنطلق معها مرحلة الفوضى وانعدام التطوير وضبابية المستقبل وصولاً للاستحواذ الممنهج للوظائف الإدارية والفنية داخل مبنى الاتحاد الآسيوي الواقع بضاحية بوكيت جليل بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.
لم يهنأ الاتحاد الآسيوي بوقوفه على قدميه ابتداءً من 2003 واحتفاله بصك الأرض له بعد أن كانت باسم شخصي «السلطان أحمد» وانسلاخه من رخصة العمل كجمعية تطوعية خيرية في ماليزيا ليكون كياناً معتبراً «نظام العمل», لترتفع أجراس الخطر الحقيقي خلال عامين من «فراغ السلطة» وانطلاقة الخلافات وتمزق الوحدة الآسيوية وظهور «التكتلات» وخطط التدمير الممنهج وغير الممنهج , ليبدو الاتحاد القاري في صورة يرثى لها ومن عايش تلك الحقبة يدرك تماماً قدر الهلع والقلق الذي صاحب محبي الكرة الآسيوية بسبب تلك الأحداث..
مايو 2013 .. انتخابات الرئاسة الآسيوية .. أوضاع ملتهبة .. تحديات وتكتلات .. انسحابات .. إطلاق برامج وشعارات ووعود .. انتهت باكتساح تاريخي للعائد من جديد للقارة الآسيوية البحريني معالي الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة « 33 صوتاً» من اصل « 46 صوتاً»..
كان الوضع المالي للاتحاد القاري كارثياً «مرتب الأمين العام ارتفع إلى 45 ألف دولار.. ولا خطط للتسويق ولا رؤية واضحة للمسابقات «عمل روتيني يومي» إضافة للأجواء الساخنة «القضايا الدولية مع قيادات آسيوية سابقة بتهم الشاوي..
قيض لآسيا رجلٌ حكيم هادئ, لديه كمٌّ هائلٌ من الخبرات الدولية والوطنية والأهم أنه كان شخصاً نظيفاً, وبقدر أن تراه طيباً مبتسماً فزلزال غضبه يظهر عند أي محاولة للقفز على النظام أو المجاملة فيه لذلك أعطى أول إشارات الهيبة الآسيوية الدولية عبر تعديل مركب المناصب التنفيذية الدولية، حينما أقرت الجمعية العمومية باجتماعها غير العادي في (9 يونيو - حزيران 2014) في مدينة ساوباولو البرازيلية بدمج منصبي الرئيس مع نائب رئيس الفيفا (الآسيوي) معلناً إصلاح هيكلة المناصب التنفيذية الآسيوية دولياً أسوةً بالاتحادات القارية الأخرى مودعاً مرحلة المحاصصة والمجاملة للأبد, حيث آصبح الآن النائب الأول لرئيس FIFA.
«سنعمل على الوقوف مع كل الاتحادات الأهلية وسنعمل على إيجاد الشفافية في كل المسابقات الكروية في القارة، وسأكون صوت دول آسيا في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وسأعمل على أن تكون القارة الآسيوية في مقدمة القارات الحاضرة على خارطة كرة القدم العالمية», مقتطف من حديث للشيخ سلمان بعد انتخابه رئيساً للآسيوي 2013.
عندما تنظر للواقع تجد أن أقواله كانت أفعالاً.
آسيا أصبحت موطن الاستضافات العالمية لكل البطولات الكبرى والسنية «منتخبات – أندية».
المسابقات تغيرت خارطتها لتصنع قفزة هائلة في الجوائز المالية التاريخية والتنافسية «النخبة».
كأس آسيا للمنتخبات أصبحت إحدآ أقوى البطولات بالعالم بالأرقام القياسية الجماهيرية وعبر المنصات الرقمية وارتفاع التنافسية الفنية والأداء التحكيمي المميز والتقنيات الأحدث بالمباريات..
ارتفع مستوى الاتحادات الوطنية بفضل الدعم السنوي المخصص «وفق المعايير» وزادت رقعة الدول الجاذبة للاستضافات الكروية وأثمرت أكاديمية الحكام وأكاديمية المستقبل «صناعة الكوادر الإدارية» عن تخريج جيل متسلح بكل الاحترافية العملية والفنية.
ارتفع مستوى التسويق ليكون ضمن الأعلى عالمياً ولتزداد المحطات التلفزيونية والمنصات الرقمية لأرقام تاريخية غير مسبوقة.
عاد الاستقرار والهدوء الإيجابي للقارة التي بصمت على التمسك بقائدها الحكيم ليفوز بثلاث دورات انتخابية بالتزكية كتأكيد على أن آسيا استفاقت من غيبوبة الموت لتتمسك بالحياة وتبتعد عن مهالك الموت وتنهي عهد «التسوس» والتفكك والتكتلات التي تسعى لفرد العضلات دون النظر لأي مستقبل آسيوي حقيقي ..
بنى معالي الشيخ سلمان بن إبراهيم, إمبراطورية آسيوية مهيبة لايعرفها إلا من تتبع تاريخ هذا الاتحاد وعاش دهاليزه ووقف على أسراره والتقى بشخصياته واستمع إلى قصصه وربط خيوط مراحله وعرف الوجه الحقيقي لصورته ..
عايشت مع معاليه الكثير والكثير والكثير.. وسأكون أميناً ومستيقظ الضمير وبما تعرفونه عني لأكتب أنه وأعضاء المكتب التنفييذي الرائع هبة السماء لآسيا .. وياليت قومي يعلمون..
يظهر الشيخ سلمان بمظهر الطيبة والابتسامة التي لاتفارق محياه لكن المواقف والتحديات السياسية والاختلافات الكروية أثبتت أن الرجل الحكيم الذي لم ينحنِ سوى للنظام وكان بارعاً في استخدام روح النظام في سبيل أن تمضي آسيا دون مشاكل نحو التطور ولذلك كل ماتشاهدونه اليوم من أرقام قياسية وظهور للمنتخبات واللاعبين والحكام والتغييرات المتسارعة والضخ المليوني لعناصر اللعبة والأندية والاتحادات قد أثمر وأثبت أن آسيا حظيت بقائد تاريخي يستحق أن تمنحه الجمعية العمومية وسام «الماسة الآسيوية» 2023 -2024 , خروجاً عن التقليد المعتاد لرجل يستحق وكرسالة فخر واعتزاز مستحقة ..
أخيراً .. أجزم أن التاريخ منصف دائماً, وأجد متعة في الكتابة عن رجل يستحق «بالأرقام والوقائع» فقد لقي في أول محاولة انتخابية دولية تأييد «90» اتحاداً وطنياً, وأفخر بأن آسيا مع العرب والخليجيين بشكل خاص نمت وتألقت وأثبتت أن القيادي العربي بارع ومنتج ومميز والأهم نظيف اليد والقلب.
شكراً معالي الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة ..
شكراً لسعة صدرك ..
لحكمتك التي تدرس ..