سلمان بن محمد العُمري
من ضمن ما تؤكد عليه رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إنشاء المتاحف وتهيئة المواقع التاريخية والتراثية والسياحية، كما أنها تدعو للاعتزاز بالماضي والهوية الوطنية مع الفخر بالموروثات الشعبية ثقافية وتاريخية سعودية وعربية وإسلامية، والدولة -أيدها الله- وفق رؤيتها الطموحة الوثابة تسعى إلى تشجيع المتاحف الخاصة، ودعم القائمين والمهتمين بها من مختلف فئات المجتمع.
ولقد سررت بزيارة أحد المتاحف الخاصة لأخي الصديق العزيز فلاح بن سعود بن دهيمان بمدينة الرياض والذي وضعه في منتجعه الخاص، وفتح قلبه للزوار قبل الأبواب مع ابتسامة لاتنقطع، وكرم لا محدود.
وقد حظي المتحف بزيارة عدد من أصحاب السمو والمعالي والفضيلة والسعادة وأعضاء السلك الدبلوماسي، وكذلك بعض الوفود الزائرة للمملكة بالتنسيق مع وزارة السياحة باعتبار المتحف مسجلاً بها.
المتحف المتميز يحوي أكثر من 30 ألف قطعة تراثية متنوعة يحتاج إلى الدعم والتشجيع من الجهات ذات العلاقة كوزارة السياحة، والثقافة، وهيئة الترفيه وغيرها.
وقد كانت البداية الأولى لأبي سلطان فلاح بن دهيمان عندما قدم له أحد أصدقائه هدية عبارة عن بندقية، ومنها كانت الانطلاقة في جمع محتويات المتحف من داخل المملكة بخلاف مدفع عثماني تم شراؤه من إحدى الدول العربية.
ويضم المتحف العديد من القطع الأثرية؛ منها مقمعة عمرها 200 سنة لبسها الإيطاليون الذين حاربوا عمر المختار، وتظهر قوتها ضد السهام والرمي، وهنالك قطع تعود إلى 1312 هجرية قبل فتح المؤسس الملك عبدالعزيز «طيب الله ثراه» للرياض في 1319هـ، ومسدس شبيه بالمسدس الذي دخل به المؤسس إلى الرياض، كما يوجد حجر يعود للعام 80 هجرية منذ الدولة الأموية كتب عليه هاشم بن عبدالمنطلب، فعندما حاصر الحجاج عبدالله بن الزبير خرج الصحابة يكتبون عليه، وغير ذلك من الموروثات الشعبية من مختلف مناطق المملكة.
ويطمح صاحب المتحف إلى تحويله إلى قرية تراثية متكاملة تضم جلسات ومسارح ووسائل ترفيهية متعددة، ومرافق خدمية بدعم من الجهات المختصة.
إنه لمن الأهمية بمكان ومواكبة للرؤية الوطنية أن يتم القيام برصد المتاحف الخاصة بالمملكة، والعمل على تشجيع القائمين عليها وتطويرها، مع الحرص على المحافظة على مقتنياتها حيث إن الغالبية العظمى من المهتمين والقائمين على التراث ليس لديهم إمكانات مادية وبشرية للنهوض بهذه المواقع، وهذه من المشكلات التي تواجههم عند التطوير والتجديد، ووضع وسائل تحافظ على المقتنيات حتى لاتتعرض للتلف.
إن الاهتمام بمثل هذه المتاحف الخاصة يصب في الخطط الاستراتيجية للدولة -رعاها الله- في كل ماله صلة بالتراث والآثار، والجذب السياحي، باعتبارها حلقة الوصل بين العراقة والمعاصرة، واستشعاراً لمافي الماضي، ومن هنا يجب الالتفات لهذه المتاحف الخاصة ودعم القائمين عليها، وإنقاذ مايمكن إنقاذه حفاظاً على موروثاتها المتنوعة لأن هناك الكثير منها ضاعت بعد عجز أصحابها على الإنفاق عليها أو بعد وفاة أصحابها، ولربما أهملها الورثة وبيعت متناثرة إن لم يتم رميها.