د.عبدالعزيز بن سعود العمر
قبل عدة سنوات كنت أسكن في حي حيث كان يقع أمام منزلي سوق صعير (بقالة) و (مدرسة)، وكانت المسافة بينهما لا تزيد عن 200م، وباعتباري أكاديمياً تربوياً سبق له الاطلاع على بعض النظم المدرسية المتقدمة، كنت ألاحظ وأقارن من وقت لآخر ما يجري في المدرسة وما يجري في السوق الصغير، وشتان بين هذا وذاك، لصالح السوق الصعير طبعاً، ولكي تكون الصورة واضحة، أنا هنا أقارن تحديداً علاقة السوق الصغير بمجتمعه المحيط قياساً بعلاقة المدرسة بمجتمعها المحيط، وإليك عزيزي القاريء طرفٌ من تلك المقارنة، دعني أبدأ بالسوق الصغير، ففي السوق الصغير يعلن السوق عن مسابقة بين أطفال الحي، والطريف أن الجائزة كانت في رمضان عبارة عن خروف تم ربطه بجانب السوق، وفي رمضان كان السوق يوزع روزنامات تقاويم على بعض زبائنه، وكان في السوق لوحة خاصة بالمفقودات والموجودات، وكان عمال السوق يلبسون زياً موحداً، كما خصص السوق خطاً هاتفياً مجانياً لمن يحتاج إليه، وعند خروح نتائج الطلاب يعلن السوق عن توزيع جوائز على الطلاب المتميزين. وإذا كان هذا هو حال العلاقة بين السوق الصغير ومجتمعه المحيط، فما هو حال علاقة المدرسة بمجتمعها المحيط؟، لا شيء يذكر على الإطلاق، فبمجرد أن تغلق المدرسة أبوابها مع الظهيرة، لتدخل المدرسة في سبات عميق حتى صباح اليوم التالي، فلا حركة ولا نشاط يذكر خارج المنهج، نسيت أن أخبركم بأن أبرز ما في علاقة المدرسة بمجتمعها يتمثل في مضايقة المعلمين لجيران المدرسة بسياراتهم.