تغريد إبراهيم الطاسان
بعد أكثر من 39 عاماً من العمل بإجازة يومي الخميس والجمعة، وأكثر من 10 أعوام أخرى من العمل بإجازة يومي الجمعة والسبت، ها هو موضوع إجازة نهاية الأسبوع يطل علينا من جديد، ويعود مرة أخرى إلى دائرة الضوء وسط وجهات نظر مختلفة تجاه استبداله بيومي السبت والأحد، مع تقليص عدد ساعات العمل يوم الجمعة، وبذاك يصبح الدوام أربعة أيام عمل تبدأ من يوم الاثنين وحتى الخميس، إضافة إلى نصف ساعات عمل يوم الجمعة.
لا شك أن موضوع تغيير إجازة نهاية الأسبوع لتكون جمعة وسبت أم سبت وأحد، متشعب جداً، والحديث عنه إجمالاً ليس بجديد، لذلك هو يستحق بالفعل المناقشة بجدية تامة، بحيث يتم وضع جميع نقاط القوة ونقاط الضعف تحت مجهر الدراسة ليكون الاختبار صحيحاً، خاصة أن بإمكاننا ملاحظة أثر ذلك من تجربة بعض الدول في خفض عدد أيام الدوام الرسمي إلى أربعة أيام والبعض إلى أربعة أيام ونصف اليوم.
ورغم أن هذا المقترح سبق أن تناوله الكثير من الكتَّاب والخبراء والمحللين من كافة النواحي إلا أن الحديث عنه يتسع مع مرور الوقت، لاسيما بعدما اختلفت وجهات النظر حوله بين مؤيد ومعارض، ومحايد ومتحفظ وغير مهتم بأيهما أفضل، فهناك من يرى أن الاقتراح سليم جداً من الناحية القانونية، وأن لا شائبة تشوبه من الناحية الدينية طالما تمت المحافظة على وقت صلاة الجمعة، أما من الناحية الاجتماعية فهو محل شد وجذب، ومن الناحية الاقتصادية فهو محل انقسام بين من يرى أن الأمر مرتبط بالشأن الاقتصادي العالمي وهو إيجابي، وبين من يرى أننا لن نتأثر كثيراً في هذا الشأن.
المبررات بين التأييد وعدمه كثيرة، حيث يرفض البعض هذا المقترح، مبررين وجهة نظرهم بعدم وجود أي تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني، كما أن تغيير الإجازة سيحدث إرباكاً وتعطيلاً وتشتتاً في العمل، مما يؤدي إلى قلة الإنتاجية، في الوقت نفسه يؤيد البعض الآخر ذلك، حيث يرى أن التعطيل للأعمال سببه تضارب مواعيد الإجازات مع العالم من حولنا، مؤكدين أن تعديل الإجازة بما يتماشى ويتوافق مع النظام الاقتصادي العالمي، يقلّص فترة الانقطاع عن الأسواق العالمية من يومين إلى نصف يوم فقط منا سيكون أثره إيجابياً.. شخصياً أنا من مؤيِّدي فكرة تغيير عطلة نهاية الأسبوع إلى يومي السبت والأحد، لأن الحراك الاقتصادي يكون متسقاً مع العالم. كما أن الوقت فيها سيكون أكثر اتساعاً، مما سيكون له أثر إيجابي على الجانب الاجتماعي من خلال تخفيف الضغط العملي على الناس مما سينعكس إيجابياً على تحسين الصحة النفسية والاجتماعية على الأفراد والجماعات، وبالتالي سيسمح ذلك بالكثير من الإنتاجية والإنجاز وخاصة مع تمديد عطلة نهاية الأسبوع لتكون يومين ونصف كاملة بدلاً من يوم ونصف اليوم. وبرأيي أن يوم الأحد سيكون الرابح الأكبر من كل ما يحدث، كونه سيتحوّل ليوم محبوب، بعد أن كان يوماً ثقيلاً على النفس، لأنه بداية أسبوع العمل، كما سيكون يوم الجمعة الذي يمثّل الانطلاقة إلى إجازة نهاية الأسبوع نصف يوم عمل، بحيث ينتهي الدوام قبل صلاة الجمعة بقليل، كما سيتيح دوام يوم الجمعة الذي يمتد حتى الصلاة للناس متسعاً من الوقت لقضاء حاجيات ضرورية وعمل أشياء كثيرة، وخاصة فيما يتعلق بالارتباطات الأسرية والعائلية، حيث ستتم الاستفادة من يومي العطلة (السبت والأحد) بشكل كامل من قبل الأسر والعائلات، وستكون الحياة أكثر سعادة، لأن في الوقت متسعاً للعبادة والراحة وممارسة الحياة الاجتماعية من دون ضغوط تجعل نهاية الأسبوع أكثر إرهاقاً ومللاً من أيام العمل. كلنا أمل بأن يتم تناول مقترح إمكانية أن يكون إجازة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد بدلاً من الجمعة والسبت، مع نصف دوام يوم الجمعة، سواء من الجهات المختصة أو من كافة فئات المجتمع، فكلنا يتطلع إلى ما هو مناسب لمستقبل أفضل، خاصة عندما يكون التغيير للصالح العام الذي يعد أساساً للتطور والتقدم في الجوانب الاقتصادية.. ولراحة وتخفيف الضغوط وزيادة تماسك النسيج الاجتماعي في النواحي الاجتماعية..