شاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي فوائد الادخار والتوجه الحالي لادخار الأفراد. وكذلك زادت الأعباء حول الحرص على التقليل من الاستهلاك لجلب مدخرات مالية. وتصادمت المصالح حول الإنفاق والادخار.
وأوضحت الدراسات الاقتصادية أن للادخار فترات زمنية تحددها الأهداف الادخارية. فنستطيع أن نضع الادخار في خانة الغاية وليس الهدف، فهنا الادخار وسيلة لبناء مشروع أو قرار شراء أصول مستقبلية.
فالادخار بدون هدف هو مجرد خسارة القيمة الحالية للنقود، وتسرب الأموال من الدورة الاقتصادية، وضياع الفرص بسبب حبس الأموال عن وظيفتها الأساسية في الاقتصاد.
فالادخار النقدي الآن عدوه التضخم، التضخم المالي أو التضخم الاقتصادي هو ارتفاع مستمر في أسعار المنتجات لمدة طويلة، وعلاقة التضخم بارتفاع الأسعار هي علاقة طردية، فكلما زاد التضخم ارتفعت الأسعار بسبب انخفاض قوة العملة الشرائية.
شهدت المملكة العربية السعودية ارتفاع التضخم السنوي أسعار المستهلك بنسبة 3.4 % لعام 2020م حسب إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء. وذلك بالمقارنة بأسعار 2019م في السلع الغذائية والنقل والسلع الكمالية والاتصالات.
فيجب الحذر يا عزيزي القارئ من اتباع منهج اقتصادي دون اللجوء إلى الاستشاريين، فالمختص الاقتصادي والمالي يعلم بأن الادخار ثقافة ووعي مالي، وهناك عدة طرق للادخار المالي أحدهما الادخار الاحتياطي على هيئة الذهب.
فالاحتفاظ بالسيولة النقدية يؤدي إلى ضياع الفرص الاستثمارية وخسارة القيمة الحالية للنقود. وهذا يقودنا إلى ذكر نظام الإدارة المال حيث يذكر حيث يصنف البشرية إلى ثلاثة أصناف.
الصنف الأول 80 % من البشر متوسطو المعيشة فهذا الصنف لا يستطيع الادخار دخله يساوي مستلزماته. الصنف الثاني 15 % من البشر هم الأغنياء هذه الفئة تعيش على الرفاهية المحدودة هم يستطيعون الادخار والاستثمار في أموالهم.
أما الصنف الثالث وهم يشكلون 5 % من سكان العالم هم الأثرياء الذين يمتلكون ثروة تدوم لأجيال.
في الإدارة المال يتكلم عن الصنف الثاني وهو من يقسم دخله إلى الثلث، بند الالتزامات وبند الحساب الشخصي وبند الاستثمارات. بافتراض أن شخصاً ما دخله 10 آلاف ريال سيتم تقسيمها بناءً على إدارة المال إلى 3300 للالتزامات و3300 يدفعها نحو الاستثمار و3300 للنفقات الشخصية مثل الطعام والترفيه. فمع الوضع الراهن أصبح هناك خلط بين الضروريات والكماليات للأسرى ومع التسهيلات الائتمانية الموجودة الحديثة فالجزء الأكبر من الدخل سيذهب إلى الحساب الشخصي وهو المخصص للترفيه والكماليات وهذا من الأخطاء الشائعة في إدارة الأموال. ومن هنا أنصح بضرورة وجود الوعي المالي لدى أفراد الأسرة.
فالبطاقات الائتمانية والتسهيلات البنكية لعمليات الشراء الاستهلاكية وتسهيلات الدفع بالأقساط هنا تدخل الأسرة في متاهات استهلاكية. وتزيد من الديون الاستهلاكية غير الضرورية بشكل مستمر. البنك المركزي ذكر أن الديون الاستهلاكية في 2016م بلغت 318 مليار ريال سعودي جاءت من البطاقات الائتمانية والقروض البنكية.
هناك نزيف أموال الأفراد في الاقتصاد بسبب قلة الوعي المالي وإخراج الأموال من الإدارة والتخطيط والتنظيم.
** **
د. منى بنت حطيحط الشريف - عضو هيئة تدريس بجامعة أم القرى