د.عبدالعزيز الجار الله
هناك شعور بدأ يتنامى مع الهجمة الإسرائيلية على غزة فلسطين بعد 7 أكتوبر 2023 التي وصفتها المحكمة الدولية العليا بتهمة الإبادة، هذا الشعور المتنامي تمثل في الرفض العربي الذي فرض على الشعبين الفلسطيني والعربي بقبول واقع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، والقبول بالهيمنة الإسرائيلية والأوروبية والأمريكية، فكانت إسرائيل منذ النكبة عام 1948 تعمل على كسر الإرادة الفلسطينية العربية، وتحاول بكل ماتملك من قوة إلى إيصال الفلسطينيين إلى اليأس والإحباط والقبول بواقع الاحتلال اليهودي واستمرار قيام وتوسع إسرائيل في المنطقة العربية.
لكن واقع الحال تغير عبر تطورات منها :
- حرب أكتوبر عام 1973، الانتصار العربي على كذبة الجيش الذي لا يقهر.
- أما أهم هذه الحروب هي حرب أكتوبر 2023 القائمة حتى الآن في غزة والتي شكلت واقعاً جديداً أعادت حل الدولتين إلى الواجهة العالمية وتزايدت رغبات دول العالم بالتفكير في الاعتراف بدولة فلسطين ومنها دول أوروبية، يقابله شعور داخل إسرائيل بأن مشروع الحلم من النيل إلى الفرات قد بدأ يتبدد بل إن وجود إسرائيل كدولة قوية بالمنطقة قد تضاءل، حيث اعتبروا حرب 7 من أكتوبر 2023 هي حرب وجودية لهم.
رغم مرارة حرب غزة و عذابات الحرب فقد بدأت تظهر للراصدين بعض بشائر الانتصارات في سماء العرب بعد أن استلهم واستوعب العرب بمرارة الهجمة الغربية (الربيع العربي 2010 )، وغرقت إيران في قضاياها الداخلية مع جيرانها في وسط آسيا، وجيرانها في الخليج العربي وأخيراً مع الغرب أوروبا وأمريكا في صراع البحر الأحمر والمفاعل النووي، وتركيا في الأزمات الاقتصادية المتكررة وتأثير الحرب في أوكرانيا، والصراع على حدودها مع سوريا والأكراد جعلها أكثر انشغالاً على استقرارها والنمو الاقتصادي الذي تنشده، بالمقابل الأوطان العربية بدأت في معالجة أوضاعها الاقتصادية والتنموية، واستعادوا كما يقال نغمة الانتصار : الرياضي والاقتصادي والسياحي والإعلامي.
وهذه بإذن الله ستخرج العرب من عزلتها، ومن الهيمنة الغربية حيث تشكلت أقطاب أخرى روسيا والصين وقوى أخر تمردت على أوروبا مثل دول الساحل أو السهل الإفريقي، وتميز مواقف دول جنوب وشرقي آسيا مثل الهند.
فالصورة ليست متفائلة بما يرضي لكنها زحزحة عن واقع كان ضاغطاً على الوطن العربي من إسرائيل وإيران وتركيا بمساندة الغرب.