د.عبدالعزيز بن سعود العمر
لا تتعجب عزيزي القارئ، فعنوان هذه المقالة حقيقي، وليس فيه أي مبالغة، بل هو فعلا ما طرحه مفكر تربوي في منتصف القرن الماضي، عندما قال: أغلقوا المدارس فقد طالب إيفان إيلتش قبل عدة عقود إلى نفي المدرسة من المجتمع، لكونه رأى أن المدارس قد تكون مصدر ضرر على المجتمع، وهذا الرأي بالطبع يخالف كل الأعراف السائدة عن المدرسة، وعن الأدوار الإيجابية التي تؤديها اليوم لصالح مجتمعها، ويرى إيليتش أن المدرسة ربما تكون مصدرًا لكثير من الشر، خصوصًا لدى من يطلق عليهم المتطهرون (مسيحيون) (Puritans)، هؤلاء من باب حرصهم على تربية أبنائهم وعلى ترسيخ وتعزيز بعض القيم الدينية والاجتماعية لا يرسلون أبناءهم للمدارس لكيلا يتم تلويث أخلاقهم ومعتقداتهم من قبل (أولاد الشوارع)، أوحتى من قبل بعض معلمي المدرسة أنفسهم.
يقول هؤلاء المتطهرون إن أبناءنا يعودون إلينا من مدارسهم في المساء وهم يحملون معهم فيروسات أخلاقية، وعادات وممارسات هابطة، وأفكارًا سيئة تخالف كل التوجهات والسلوكيات الحميدة، ومن هذا المنطلق ظهر توجه تربوي مختلف يتيح للطلاب أن يتعلموا في منازلهم فقط (بشروط تحددها مؤسسة التعليم)، ولا يذهب الطالب إلى المدرسة إلا لحضور الاختبارات فقط.
ويذهب إيليتش إلى أبعد من الخوف على الجانب الأخلاقي القيمي للطلاب إلى الديكتاتورية والسلطة التي تمارسها المدرسة على أفراد مجتمعها، فهو يقول: إن الطالب لن يحصل على فرصة عمل أو فرصة تدريب أو مشاركة مجتمعية ما لم تزكيه المدرسة بقطعة من كرتون (شهادة)، وقد يحصل الطالب على شهادة تزكية من المدرسة، حتى ولو كان مهلهلا في مهارات يبحث عنها المجتمع، وقد تحرم المدرسة الطالب من هذه الشهادة حتى ولو كان الطالب مبدعًا وخلاقًا.
هذا التفكير المتخلف لا ينسجم مع رسالة المدرسة ومخرجاتها الضرورية للإنسان وتعمير الأرض، لكنه التزمت والتفكير خارج المنطق والعقل والإجماع.