د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
ضمن توجه الدولة نحو زيادة نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 في المائة إلى 75 في المائة، ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى أزيد من 7 تريليونات ريال (ستبلغ 3 تريليونات ريال بنهاية العام الجاري 2024) من أجل رفع مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40 في المائة إلى 65 في المائة، وتطمح في تقدم ترتيب مؤشر الخدمات اللوجستية من المرتبة الـ45 إلى 25 عالمياً والأولى إقليمياً، ورفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 في المائة إلى 50 في المائة على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وكذلك زيادات الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 ملياراً إلى تريليون ريال سنوياً.
وقد حققت السعودية أعلى إيرادات حكومية غير نفطية في 2023 نحو 441 مليار ريال مرتفعة من 186 مليار ريال بارتفاع 137 في المائة، حيث تطمح السعودية أن تصبح من أكبر 15 اقتصاداً في العالم، ويتطلب تحقيق ذلك وصول الناتج المحلي الإجمالي إلى 6.4 تريليون ريال، بلغ في 2022 نحو 4.155 تريليون ريال محققة بشكل مبكر مستهدفات الدولة لعام 2025، وحققت المركز الـ17 على مستوى الاقتصاد العالمي من أصل 64 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، رغم ارتفاع صادرات السعودية هي الأعلى في 10 سنوات لم تتجاوز 1.545 تريليون ريال (412 مليار دولار) عام 2022 منها صادرات غير نفطية نحو 315.7 مليار ريال وهي لا تتناسب مع حجم ومكانة السعودية الاقتصادية.
بلغت القيمة السوقية لأكبر 100 شركة بتروكيماويات نحو 1.38 تريليون دولار، فيما بلغت نحو 101.4 مليار دولار للشركات السعودية الخمس، مشكلة 7.3 في المائة من قيمة أكبر 100 شركة، وتأتي سابك في المركز الثاني بعد ليندي البريطانية بنحو 143.7 مليار دولار، بينما قيمة سابك 73.8 مليار دولار، بالطبع هذا لم يعجب الحكومة باعتبار أنها أكبر منتج للبترول في العالم، بينما بقية المراكز العشر، منها ثلاث شركات ألمانية ضمن العشر الكبار وصينية ويابانية وأمريكية وفرنسية، وحلّت بقية الشركات الأربع الأخرى ضمن الـ53 شركة الكبار، سبيكيم في الترتيب الـ42 بقيمة 8.4 مليار دولار، ينساب في المركز الـ44 بقيمة سوقية 7.2 مليار دولار، وبترورابغ في المركز الـ47 بقيمة سوقية 6.4 مليار دولار، ثم كيان في الترتيب الـ53 بقيمة سوقية 5.7 مليار دولار، ورغم أن السعودية تمتلك الريادة في قطاع النفط والغاز إلا أنها تحصل على 2 في المائة من عائدات المواد الكيميائية البالغة 4 تريليونات دولار في السنة وفق تصريح خالد الفالح عام 2017، وبالفعل نمت الصادرات غير النفطية بقيادة الصناعات الكيمائية وارتفعت بنحو 62.9 في المائة وبلغت عام 2022 نحو 435 مليار ريال مرتفعة من 161 مليار ريال.
لذلك تعوّل السعودية على قطاع البتروكيماويات ضمن الإستراتيجية الوطنية للصناعة التي تستهدف استثمارات بقيمة تريليون ريال لمضاعفة الناتج الصناعي في 2030، خصوصاً بعدما استحوذت أرامكو على 70 في المائة من حصة سابك بهدف إنشاء أرامكو من أقوى شركات الطاقة والكيمائيات المتكاملة في العالم لتطوير ابتكاراتها في عملية تقنية تحويل النفط الخام إلى كيمائيات ذات قيمة إنتاجية عالية لتحويل مليوني برميل يومياً من النفط الخام إلى بتروكيميائيات ولديها تطلع لرفع ذلك الرقم إلى 4 ملايين برميل يومياً من السوائل بحلول 2030 وخصوصاً أنها تتوسع في تطوير حقول الغاز وبشكل خاص في حقل الجافورة بهدف التوسع بشكل أكبر في صناعة البتروكيماويات لتصبح رائدة عالمياً بمجال الطاقة والبتروكيماويات، وتوفر منتجات عالية الجودة، لتظل مورداً موثوقاً للطاقة بجميع أشكالها التقليدية والمتجددة والمواد الكيمائية سواء المحلية أو العالمية.
يمثّل التحول تحدياً كبيراً لصناعة النفط، وهناك طلب متزايد على البلاستيك، ومجموعة كبيرة من المواد الكيمائية المشتقة من النفط والغاز الطبيعي تعتبر حاسمة لصناعة العديد من المنتجات التي تلبي هذا الطلب المتزايد، وهناك 24 نشاطاً صناعياً منها صناعة المواد الكيمائية ومنتجاته، ومثّلت مساهمة القطاع الصناعي من صناعات تحويلية وتعدين وتحجير ثلث الناتج المحلي بلغ 1.210 تريليون ريال عام 2021 للقطاع الصناعي بنحو 408 مليار ريال و802 مليار ريال للصناعات الاستخراجية، أي ما يعادل 39 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، باستثمارات بلغت 1.4 تريليون ريال.
بعد أن أعلنت أرامكو في مارس 2020 رفع مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة إلى 13 مليون برميل يومياً بحلول عام 2027، يصل إنتاجها حالياً حوالي 9 ملايين برميل يومياً مع تمديدها الخفض الطوعي للإنتاج والبالغ مليون برميل يومياً الذي بدأ في يوليو 2023 حتى نهاية مارس 2024 دعماً لاستقرار السوق، أعلنت وزارة الطاقة أن الطاقة القصوى 12 مليون برميل يومياً، سيدفع القرار إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة والتقنيات منخفضة الكربون وتخزينه، لأن لدى السعودية أهدافاً طموحة للطاقة المتجددة تتمثَّل في الوصول إلى 50 في المائة من توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة.
كما تتطلع الشركة إلى توسيع أعمالها في مجال التكرير والبتروكيماويات سواء على الصعيد المحلي أو في الأسواق العالمية، إلى جانب الاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة، حيث تسعى لأن تصبح مصدراً رئيسياً للهيدروجين الأزرق إلى آسيا خلال السنوات الخمس المقبلة، خصوصاً إلى كوريا الجنوبية واليابان للوصول على مزيج طاقة أمثل حتى يحقق مستهدف تنويع مزيج الطاقة وخفض الانبعاثات الضارة.