عبده الأسمري
ما بين «عناوين الشعر» و»ميادين العسكر» و»مضامين الشعور» أسس مناهج «الضبط» ورسخ منهجيات «الانضباط» وحول مكانة الأدب وأمانة المنصب إلى «متانة» أشعلت «قناديل» التمكن في دروب «المسؤولية» وأضاءت «مشاعل» التمكين في منصات «الثقافة».
وزّع «بشائر» التأسيس في مسارات الفداء بمهارات «اللواء» فكان الضابط والقيادي الذي حول «الثقة» إلى «وثائق» اعتلت شأن «التاريخ» واستقرت في متن «الترسيخ»
رتب مواعيد «الوفاء» على «أسوار» المهام وجنى محافل «الاستيفاء» من أسرار الإلهام إلى أصالة «القيادة».
كتب التجارب «شعراً» واغترف من المشارب «شعوراً» حتى امتطى صهوة «المعرفة» شاعراً واعتلى شأن «التنمية» قائداً في مسيرة شكلت دهرين من «الانفراد» أحدهما للولاء والآخر للأولوية.
إنه الأديب الشاعر اللواء علي زين العابدين رحمه الله أحد رواد الأدب السعودي ومن مؤسسي السلك العسكري بالسعودية وأول مدير لكلية الملك عبد العزيز الحربية.
بوجه حجازي وسحنة «حنطية» مسكونة بسمات «الوقار» وومضات «اللطف» وعينين لماحتين تتوارد منهما نظرات «الحنكة» ولمحات «الحكمة» وتقاسيم مكاوية تتشابه مع والده وأعمامه وتتقاطع مع والدته وأخواله وبزة عسكرية مهيبة مكتظة بنياشين «التتويج» وأوسمة «التكريم» وسيفين يعكسان المهارة وتاج يوظف الجدارة في مساحات «التدريب» الميداني وغرف «العمليات» العسكرية وأناقة وطنية تعتمر البياض تتكامل على محيا تتجلى منه ملامح «الأصول» وتعلو فيه مطامح «الفصول» وصوت خليط بين سكنة حجازية ولكنة مجازية وعبارات مهنية قوامها «الخبرة» ومقامها «السيرة «واعتبارات أدبية عنوانها «الموهبة» وميدانها «الهبة» تنهل من «مخزون» عسكري مشفوع بالشهادة ومسجوع بالقيادة و»مكنون» شعري ساطع بالإبداع وماتع بالإمتاع قضى زين العابدين من عمره عقوداً قائداً ورائداً وخبيراً وأنموذجاً للاعتزاز ومثالاً للإنجاز في سيرة زاخرة بمتون «المعارف ومسيرة فاخرة بشؤون «المشارف».
في مكة المكرمة أطهر «البقاع» وأشرف «الأماكن» ولد عام 1343هـ في يوم ربيعي ملأ الأقرباء بالفرح والأهازيج الحجازية والأناشيد المكية التي تناغمت على تفاصيل النبأ المحمود والمقدم الميمون.
تجرع «ويلات» اليتم الباكر بعد وفاة والده وهو في سنواته الأولى فارتمى بين أيادي عمه محمد الذي عاش في كنفه مجللاً بحنان الصلة ومكللاً بامتنان القرابة وخضع إلى موجبات العطف وعزائم اللطف في أحضان أمه التي سدت «فراغ» الأبوة بعاطفة الأمومة التي تشرب منها «رقة» المشاعر و»ألفة» الشعور وتلقى أول موجهات التربية من عمق «الحرص» إلى أفق «النصح» كابن وحيد بين خمس شقيقات وله أخ وأخت من أبيه وأخ وأخت من أمه.
عزف ألحان «الأبيات» باكراً على «ألحان» النبوغ وغاص في «بحور» الشعر» مستخرجاً لآلئ «القصائد» فكان زامر «الأدب» الذي أطرب الحي ورامز «النص» الذي أذهل المتلقي حيث بدأ خطواته «الأولى» في مضمار «التأليف» ومسار «التوصيف» ونطقت قريحته الشعرية في العاشرة من عمره ثم نمت معه ثمار «الإنتاج» الشعري بتدرج مهيب وحصاد مذهل في محطات عمره ومنعطفات حياته.
ركض صغيراً مع أقرانه بين أحياء شعب عامر والشامية والشبيكة وانخطف إلى التركيبة الوجدانية المشعة من طهارة المكان وطهر الزمان وتعطرت أسماعه بجمال الألحان «السماوية» في الحرم المكي وتعتقت نفسه بنفائس «السكينة» في صحف الطواف وتشربت روحه رياحين «الروحانية» أمام حجر إسماعيل وامتلأ قلبه بأنفاس «التروحن» حول الحطيم والحجر الأسود فاكتملت في سنوات طفولته «بصائر» اليقين وتكاملت في أعوام نشأته «بشائر» التقوى.
مضى كل مساء يراقب «الأحاديث» في المركاز المكي منجذباً إلى «مرابع» الطيبين من عشيرته الأقربين المشهورين بالاستقامة والتي حولها إلى «استدامة» أقامت له زوايا «منفرجة» على التعلم استمر يرسم فيها «دوائر» الأمنيات بخطوط «عريضة» وحدود «مفتوحة» ظل سقفها عالياً باتجاه «العلا».
تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي بمكة المكرمة ثم ابتعث إلى القاهرة ودرس في الكلية الحربية ونال بكالوريوس العلوم العسكرية عام 1947م، وابتعث إلى أمريكا للدراسات العليا فحصل على شهادة من مدرسة المدرعات بولاية كنتاكي عام 1951م. وانتظم في السلك العسكري حتى وصل إلى رتبة (لواء) وأُحيل إلى التقاعد عام 1386هـ.
سجل حافل بالتميز وضع فيه زين العابدين «البصمات» مضيئة بالأثر ومشعة بالتأثير وساطعة بالمآثر حيث قام مع بعض زملائه بتأسيس مناهج كلية الملك عبد العزيز الحربية وتعين كأول مدير لها وشغل منصب مدير الصحة العسكرية والقائد العسكري لمنطقة مكة المكرمة وهو أول من تبنى فكرة تأسيس مدارس لأبناء منسوبي القوات المسلحة. وعمل رئيسًا لهيئة العمليات الحربية، وكان عضوًا في القيادة العربية المشتركة بالقاهرة، وملحقًا عسكريًا للسفارة السعودية بباريس، إلى جانب عضويته في اللجنة التأسيسية ولجنة التخطيط العلمي لجامعة الملك عبد العزيز.
ساهم مع زملائه في تطوير المدرسة العسكرية، التي سميت لاحقًا بكلية الملك عبد العزيز الحربية كما شارك في تطور تدريس التاريخ العسكري، وأعاد هيكلة تدريس الجغرافيا العسكرية بالإضافة إلى إدخال القانون الدولي والاقتصاد الحربي وهندسة السيارات والتكتيك ضمن مواد الكلية، واستحداث وظيفتين، كما في التعليم العسكري، وهي: كبير المعلمين، وأركان حرب الوحدة ضمن اللجان التي كلفت بذلك.
لقبه الأمير مشعل بن عبد العزيز بـ(شاعر الجيش)، وقد ألقى العديد من قصائده أمام الملوك السعوديين حيث ألقى قصيدة أمام الملك عبد العزيز وعمره 19 عامًا، وضُمنت إحدى قصائده في منهج المحفوظات للمرحلة الثانوية في مدارس المملكة، أصدر نحو 5 دواوين شعرية وهي صهيل وتغريدة وهديل وعزف ونزف ونجوى إضافة إلى ثلاث مؤلفات أخرى وهي اليهودية والنصرانية في نظر القرآن ونسب إبراهيم الخليل والحروب الأربع وله عدة مقالات اجتماعية نشرها في فترات مختلفة بالصحف السعودية.
انتقل زين العابدين إلى رحمة الله عام 2007 وأديت الصلاة عليه بالمسجد الحرام وَوُوري جثمانه ثرى مكة الطاهر ونعته أسرته ورفقاء دربه وأبناء حيه وتلامذته في ميدان الأدب والتنمية وتناولت المواقع والوسائط رحيله مقترناً بمناقبه ومقرونًا بمناصبه.
أقام زين العابدين «صروح» الشعر أمام بصر «المتبصرين» وحول نظر «المفكرين» مقتنصاً من «فضاءات» المشاعر «إضاءات» الاستشعار التي حولها إلى «إمضاءات» ناطقة في صدى «الحس» ومدى «الإحساس» وفق إبداع شعري تجاوز فرضيات «التوقع» واجتاز افتراضات «الواقع « ليبحر في «محيط» الوقائع بوقعه الخاص وتوقيعه المختص.
علي زين العابدين الاسم القدير في «عوالم» الأدب والرمز المنير في «معالم» التنمية والشاعر الفريد والعسكري في سجلات الاقتدار وصفحات الاعتبار.