خالد بن حمد المالك
من يوم لآخر بدأت تتسع رقعة القتال في المنطقة، ويدخل أكثر من لاعب في استخدام مصادر قوته لإبقاء النيران في حالة اشتعال كما لو أن الجميع في حالة اتفاق على أن لا تبقي لها من أثر، يعني المزيد من القتلى، والكثير من التهديم، ووضع الخيرين في حالة عجز لاحتوائها.
* *
فالحرب لم تعد جذوتها في غزة، ولا في الضفة الغربية، ولا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا هي مقتصرة على العدوان الإسرائيلي الغاشم ضد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، وإنما هي بين أطراف كثيرة لها مصلحة في زعزعة الاستقرار في منطقتنا ودولنا، بحسب ما تمليه مصالحها، وتتجه إليه أهدافها.
* *
وهذا التصعيد لا يمكن تفريغه من أهداف إقليمية ودولية، ومن أن بعضها حديث العمر في سنوات مظلمة، وأخرى تعود إلى سنوات موغلة في القدم، وللأسف أن يتورط فيها بعض من يلحقهم الضرر باستمرارها، وبعض من تمس مثل هذه الحروب مصالحهم، وبعض من يقوّض استمرار هذه النيران مستقبل حياتهم، باعتبارهم وقودها.
* *
اليوم الحوثيون طرف في هذه الحرب، ومثلهم الحشد الشعبي، وكذلك حزب الله، ولا ننسى أمريكا وبريطانيا، ودول أخرى في المنطقة وخارج المنطقة، ولا يزال هناك بقية باقية لجعل الحرب تمتد إلى أكثر مما هي عليه الآن، فما يحدث الآن ربما لا يكون نهاية المطاف لحرب مدمرة، خروج على القوانين الدولية، ومنع للتعايش بين الدول والشعوب.
* *
ولو فتشنا عن سبب كل هذا، وأخضعنا هذا الصراع المستمر للعقل والمنطق، لما كان هناك من سبب غير إصرار إسرائيل على احتلال الأراضي الفلسطينية، ومساندتها وتعضيدها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب، إذ لو حُلت هذه المشكلة المزمنة التي جعلتها إسرائيل ومن يدعمونها مشكلة مستعصية على الحل لما كانت منطقتنا في حالة من عدم الاستقرار.
* *
الآن فإن دخول الثنائي الأمريكي البريطاني، والأمريكي منفرداً في استخدام القوة في الضربات بصرف النظر عن حقه في ذلك، إلا أن الحوار أجدى للوصول إلى حلول تجنب المنطقة هذه الخسائر في البشر وفي البنية التحتية للدول، وعندما نتحدث عن الحوار نعني به أيضاً ما هو ضروري ومهم بين الفلسطينيين والإسرائيليين للوصول إلى الدولة الفلسطينية، إذ لو حدث هذا ونجحت المفاوضات لما كان هذا العداء لأمريكا والكره لسلوكها.
* *
وأياً كانت نتائج طوفان الأقصى، وحرب غزة، والمناوشات بين حزب الله وإسرائيل، وحرب البحر الأحمر بين أمريكا وبريطانيا ودول أخرى مع الحوثيين، وكذلك ما بين أمريكا والأحزاب في العراق وسوريا الموالية لإيران، فإن صمام الأمان لمستقبل المنطقة بدون حروب لن يتحقق دون خيار الدولتين.
* *
لهذا فعلى أمريكا وهي من لديها مفتاح حل هذه الأزمات المعقدة أن تتحرك بجدية لصنع سلام الشجعان، باختيار العدل والمنطق والشعور بالمسؤولية نحو قيام دولة للفلسطينيين على أراضيهم في حدود 1967م، وأي حسابات غير هذه فلا مجال للحديث عن سلام قادم، ولا مجال للمراهنة على نصر إسرائيلي محقق على المدى البعيد، وهذا ما أدركته واشنطن، وأعلنت عنه مؤخراً، وبقي التنفيذ وإلزام الجميع به تحت قبة الأمم المتحدة، وحماية مجلس الأمن.