سهوب بغدادي
ما شعورك عندما تسمع كلمة «كول سنتر» أو مركز الاتصالات؟ شعور جيد أم سيء؟ إن المشاعر المرتبطة بهذه الكلمات على الأغلب سلبية من وجهة نظر المتلقي، بل تكون سوداوية في أعين العاملين في هذه المراكز، بلا شك، إن مركز الاتصالات يعد حلقة الوصل بين مقدم الخدمة والمستفيدين، لذا تشكل هذه الوظيفة جزءًا مفصليًّا في مسار رضا العميل، وجودة الخدمات، وغيرها من المجالات المتداخلة في هذا الإطار كالتسويق، لماذا وظيفة «كول سنتر» تعد من أصعب الوظائف وأسوأ الوظائف، على حد تعبير البعض؟ للإجابة يجب أن نتخيل شكل يوم موظف «الكول سنتر» العادي، حيث يبدأ صباحه كل يوم وهو يعلم أنه سيواجه امتعاضًا على الأقل، وشيئًا من التوبيخ، وقليلًا من الشكر السطحي، ويجب عليه أن يتقن مهارات ناعمة كثيرة من أهمها إدارة المشاعر الذاتية ومشاعر الغير، وامتصاص الغضب، والتملق أحيانًا، شيء غير يسير من «التسليك»، في كل صباح يجب ألا يجرؤ الموظف على الرد قبل شربه قهوة الصباح ومحاولة التوازن، هذا ما نفعله كموظفين في أعمال مكتبية على الأقل، إلا أنهم لا يملكون هذه الميزة، سواء شربتها أم لم تشربها، سعيد أم حزين، يتحتم عليك أن ترد على ذلك الاتصال الأول الذي سيجر خلفه عشرات الاتصالات، وتواجه ما ستواجه، الموظف هنا يتعامل مع جميع أشكال وألوان المجتمع على اختلاف طرقهم في التعبير عن الغضب والتساؤل، وما إلى ذلك، لذا نجد أن الموظف أضحى مثل «الروبوت» يحييك بدايةً، ويتحدث معك ويأخذ منك الملاحظات والمخاوف والأسوأ من كل ذلك الشكاوى، ليعود في آخر اليوم ويلبس قناع السعادة والتوازن، إنها حتمًا حالة من الانفصال عن المشاعر، في هذا الصدد، أعان الله العاملين في هذا المجال، ونذكِّر الجهات بتحفيزهم أكثر من غيرهم لأنهم يعدون واجهة للجهة، وتميزهم من تميز الكيان بأكمله، كما يجب تدريبهم على حل المشكلات، خاصةً في حال تواجد مستجدات في المؤسسة تستلزم الاطلاع عليها وتكهن الإشكاليات المحتملة وتجهيز الحلول المقترحة مقدمًا، كما يعد دور الجودة والإشراف مهمًا في هذا الجانب، على سبيل المثال، يعمد بعض المدراء أن يجربوا خدمة مراكز الاتصالات ويأتوا بتساؤل يحمل في طياته شيئًا من التحدي، ليرى مدى جودة الخدمة ومعرفة الموظفين بناحية أو موضوع، فأصعب ما يكون على المتصل ألا يجد إجابة أو حلًّا لما يهمه، وإن لزم الموضوع رفع مذكرة أو سؤال المشرف، فقط للتعاطف مع صاحب الاتصال، أتذكر دائمًا ما يحصل لأكثر الناس في عصر السرعة وشيوع الرسائل النصية، عندما تتلقى اتصالًا فتفزع قليلًا، أو تشعر بعدم الرغبة في الرد، فتكتفي برسالة، حتى وإن كان الشخص من أسرتك أو أحد المقربين، لأن الاتصال يأخذ منك وقتًا ويتطلب بذل الجهد، لذلك لن نقسُو على موظفي «الكول سنتر».
«أهم ما في التواصل سماع ما لا يقال».