طفلة النفيعي
ونحن في بداية السنة الميلادية الجديدة 2024م، والتي نسأل الله - سبحانه وتعالى- أن ينعم وطننا فيها بالمزيد من النماء والازدهار في ظل القيادة الرشيدة حفظها الله وأن يعم السلام على العالم أجمع.
نحتفي بمخلوق من مخلوقات الله الحية العظيمة والتي خلقها الله -سبحانه وتعالى- لينتفع بها الإنسان وقد كرمها حيث ورد ذكرها وبالاسم الصريح في كتابه العظيم القرآن الكريم بل وأمرنا -عز وجل - أن ننظر إليها ونتفكر ونتأمل كيف خلقت؟! فسبحان الخالق البديع المصور؛ إنها الإبل يا سادة يا كرام التي يحق لها الفخر بهذا التكريم الرباني حيث ذُكرت في آية كريمة تُتلى إلى يوم الدين في قوله: تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (17) سورة الغاشية.
وأما التكريم الإنساني فهو موافقة مجلس الوزراء الموقر في جلسته المنعقدة برئاسة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- يوم الثلاثاء السادس من جمادى الآخرة الموافق 19 ديسمبر 2023 ميلادي على تسمية عام 2024 بـ«عام الإبل» احتفاءً بالإبل لمكانتها العظيمة ولارتباطها الارتباط الوثيق بجوانب حياة الإنسان في شبه الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ وإلى وقتنا الحاضر حيث اشتهر العرب في الجزيرة العربية بالتفاخر والاعتزاز بإبلهم، والذود عنها وحمايتها، وهي تُعد ثروة وتراثاً ثميناً خلفه الأجداد للآباء، والآباء للأبناء، وقد كان لهذا القرار الصائب من لدن القيادة الحكيمة، فرحة عارمة وابتهاج عند محبي وعشاق الإبل وملاكها مما يدل على الاهتمام بهذه الثروة الحيوانية التي لا يختلف عليها اثنان أولاً من ناحية ما تمثله في تاريخ توحيد المملكة العربية السعودية أعزها الله ثم لقيمتها الغذائية الاستثمار المالي وخاصة مع وجود نادي الإبل بقيادة فهد بن فلاح بن حثلين ومن خلال مهرجان الملك عبد العزيز للإبل هذا الكرنفال السنوي الذي أصبح محط أنظار العالم وعبر وسائل الإعلام العالمية والسياح زائري المملكة من مختلف جنسيات العالم وقد انتقلت شهرته والاهتمام به من المحلية والإقليمية إلى العالمية. بفضل من الله ثم الدعم السخي للقيادة الحكيمة حفظها الله - وإدارة رئيس النادي والقائمين عليه.
ومن المتوقع الذي لا شك فيه بأنه سوف يكون عام ثقافي حافل بإذن الله ونحنُ جميعا نتطلع إلى تلك الفعاليات والأمسيات الثقافية؛ التراثية وقد شاهدنا الهوية البصرية التي دشنتها وزارة الثقافة بما يليق بالقرار السامي في الاحتفاء بعام الإبل للقيمة الفريدة التي تُمثلها في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ.
وفي هذا المقام يتضح لنا ارتباط الإنسان العربي منذ الأزل بالإبل فهي رفيقته في الحياة ونشاهد هذه العلاقة الحميمية من خلال ما صورهُ لنا الشعراء والأدباء في أشعارهم وأسفارهم ومن جوانب عدة والتي تصف حياتهم وبطولاتهم بكل فخر واعتزاز، فالناقة في رأي إنسان العصر الجاهلي هي المنقذ له، القادرة على تحمل الصعاب وتذليل العقبات ولها فضل ودور كبير بعد الله في انتشال الشاعر من همومه وأحزانه وحمايته من مخاطر الصحراء كما أكد ذلك الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد بقوله:
وإني لأمضي الهم عند احتضاره
بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
ويوجد أربعة ألوان أصلية للإبل ألا وهي: السود «المجاهيم، والبيض» الوضح» ولون «الشعل» و«الصفر»، ويتفرع من بينهم الكثير من الألوان الأخرى. ومتوسط عمر الإبل يتراوح من 20 إلى 35 عاماً. كما أن سرعة الإبل القصوى قد تصل إلى 50 كيلومتراً في الساعة. وقد تصل إلى أكثر خاصة الهجن الأصايل؛ والإبل ذوات الألوان المحدده التي تميزها عن بقية الألوان وهي لون الشعل ولون الصفر والوضح لما تتميز به من خفة في الحركة وسرعة في المسير وعند الضرب على (اللبيد) الذي يحدث صوتٍ تفهم منهُ الإبل بأنهُ مؤشر نذير وتنبيه يوحي لها بالاستعجال والسرعة في المسير..
وقد قالت: العرب في وصف الإبل قديماً «ما خلق الله شيئاً من الدواب خيراً من الإبل، إن حملت أثقلت، وإن سارت أبعدت، وإن حُلبت أروت، وإن نُحرت أشبعت «المستطرف».
وبعد: لنردد سويًا وبصوت الحداء مع الشاعر العربي الأصيل «محمد القولي».
«يا حاديَ الرَّكبِ قد لانتْ لك الإبلُ
واستأنسَ الليلُ وانقادتْ لك السبلُ
ورحَّبَتْ كلُّ أرضٍ كان يبلُغُها
عذبُ الحداءِ وفيه البوحُ مشتعلُ
يا حاديَ الرَّكْبِ كم في الركب من دنفٍ»
قد شفّه الوجدُ للأحباب يرتحلُ