مها محمد الشريف
التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران قديم وكما ينبغي علينا جميعاً أن نعلم بأنها ليست تجربة حكيمة، لكنها حدثت بين البلدين، نستطيع القول إن أمريكا المحرك الرئيس لنشاط إيران في المنطقة، والعديد من التقارير تقول إن الدعم العسكري الأمريكي للقوات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن، كل ذلك لتوسيع نفوذ إيران في المنطقة، مع تأمين صفقة نووية معها، وبعد هذه السطور الموجزة للعلاقة بين البلدين تغيرت الظروف والأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الحرب بين البلدين.
سرعان ما أصبحت إيران عدواً للولايات المتحدة، وعرضة للتهديد بشن هجوم عسكري من أمريكا وإسرائيل، فهل انقلب السحر على الساحر بعد أن تجاهلت احتلالها للعراق وسمحت بوجودهم والآن ستدفع الثمن؟، ويجب إذن توخي الحذر من تبرير كل حدث عن طريق القوة، فالحرب لا تصب في صالح المنطقة، وتعلم واشنطن أن طهران خرقت الدستور والقانون.
تلك هي الحصيلة المحتملة اليوم فهل بوسع السياسة الأمريكية أن تتغير؟، بعدما شنت سلسلة ضربات أحادية ضد أهداف مرتبطة بإيران في العراق وسوريا، رداً على مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين في هجوم بطائرة مسيّرة في قاعدة بالأردن في 28 يناير، فالغارات الأميركية التي استهدفت 7 منشآت تضمنت أكثر من 85 هدفاً يستخدمها الحرس الثوري الإيراني وجماعات مسلحة تابعة له في سوريا والعراق، وأن السياسة هي التي سوف تلعب الدور الحاسم في حل هذه المعضلة، وليس السماح بتوسيع الحرب في المنطقة، وبالمقابل ترد إيران بأنها لن تتردد في الرد على أي هجوم أميركي يستهدف أراضيها، بعد قرار البيت الأبيض بإمكانية توجيه ضربة مباشرة لها.
من الطبيعي أن نتساءل كما تساءل الكثير في جميع أنحاء العالم ماذا تفعل القوات الأميركية في الشرق الأوسط بعد انتهاء مهمتها القتالية في العراق؟، أين 40 ألف جندي أمريكي في جميع أنحاء المنطقة عندما قتل الجنود الأميركان الثلاثة في قاعدة الأردن؟، كثير من التوثيقات الدقيقة والمفصلة دوّنها التاريخ تحمل الكثير من التجاوزات منذ استعانت إسرائيل بصور فوتوغرافية وخرائط إيرانية في ضربها للمنشآت النووية العراقية، فقد كان السلاح الإسرائيلي والأمريكي يتدفق إلى إيران في حربها مع العراق، حتى بلغت نسبة العتاد الذي اشترته طهران بعد الحرب مباشرة من إسرائيل 80 بالمائة واشترت إيران من إسرائيل أسلحة كانت قيمتها 500 مليون دولار في الفترة الواقعة بين 1980 و1983. ثم جاءت فضيحة «إيران كونترا» صفقة السلاح السرية بين أمريكا وإيران، التي لم تكن الأولى ولا الأخيرة.
ثم جاء مشروع إسرائيل الكبرى الذي قاد إلى صراعات وحروب لا تنتهي، ومشروع إيران الإقليمي تحت عنوان «نشر الثورة» الذي يقود إلى صراعات وحروب، نجحت إيران المدعومة من أميركا بتأسيس فصائل أيديولوجية مذهبية مسلحة في العراق، وسوريا، ولبنان، وفصائل أفغانية وباكستانية، ودعم الحوثيين في اليمن.
مهما كان رأينا في هذه الحرب، فهي تخضع للضرورات التي تفرضها الأحداث الطارئة، قد تستمر الصراعات ولكن تخف حدتها إذا توقفت واشنطن عن دعم إيران في مشروعها التوسعي وتأييد خطر إسرائيل المهدد للسلام، وتوفير غطاء قانوني لحربها على فلسطين والتداعيات الإقليمية الخطيرة، لكن نادراً ما يتم الاعتراف بهذه الحقائق في الغرب، هناك مشاهد صادمة وقتلى بالآلاف ودول دُمرت بنيتها التحتية فالسجل مرعب من العدوان والتخريب والخداع، وليس من الضروري أن تظهر القدرة والقوة الدولية بمظهر العنف والقتل.