خالد بن حمد المالك
جُلْتُ في معرض الدفاع العالمي لساعات، واستمعت إلى ما تمّ شرحه عن بعض الأجنحة المحلية والدولية، وألقيت نظرة فاحصة عن التنظيم والاستعدادات، وتأملت الجهد الذي بُذل ليكون المعرض في نسخته الثانية مبهراً، واستمعت من محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد بن عبدالعزيز العوهلي عن تفاصيل كثيرة مما كان موضع اهتمامي وتساؤلي بحكم أن الهيئة العامة للصناعات العسكرية هي المسؤولة عن تنظيم هذا المعرض، وستكون المسؤولة عن تنظيم النسخة الثالثة وهكذا في كل النسخ القادمة، وذلك بحكم الاختصاص، وتوفر الإمكانيات، والخبرة التي يتمتع بها المسؤولون في الهيئة، وما هذا المعرض إلا ترجمة للنجاحات في النسخة الأولى التي بُني عليها ما تحقق من نجاحات في النسخة الثانية.
* *
في البدء لابد لي من القول إن هذا المعرض بمعروضاته، وتحديداً بالأجنحة السعودية، إنما يرسم لنا نواة تصنيع عسكري سعودي، ومكاسب إستراتيجية كبيرة، وكل هذا العمل تقوده سواعد أبناء وبنات المملكة بكل تميّز بحسب ما رأيناه من معروضات وآليات ومعدات تتميز بالجودة والدقة واستخدام التقنيات الحديثة في نظامها واستخداماتها.
* *
قطاع التصنيع الدفاعي بالمملكة بدأ يخطو خطوات جادة، ويشكل بنجاحاته محطة فارقة في مسيرة المملكة، بما فيها المكاسب الإستراتيجية، كون المملكة أصبحت الآن حاضنة لمستقبل الأمن والدفاع، بما جعل العالم يعترف بالدور الريادي للمملكة دفاعياً وتكنولوجياً، باعتبارها واحة للابتكار والأمن والاستقرار، بما لا خلاف على هذا الإجماع في تأكيد هذه الريادة وبامتياز.
* *
حرصت المملكة على أن يكون هذا المعرض واحداً من أكبر معارض الدفاع في العالم، وأن يشكل البوابة الأكبر لدول العالم في البحث عن كل ما هو جديد في عالم الدفاع، وصولاً إلى توفير الفرص الاستثمارية بقطاع الصناعات العسكرية، بما يعود بالنفع على الجميع، وهذا ما جعل اهتمام الرياض بإقامة معرض ليس من حيث بدأ الآخرون، وإنما من حيث انتهى غيرنا، ليكون هذا المعرض بكل هذا التنظيم والتميز والحضور الكبير، مع أنه ينظم الآن النسخة الثانية منه، أي أنه حديث الولادة، لكنه ظهر مُتميزاً ومُبهراً بأكثر من عمره.
* *
يتحدث المسؤولون عن المعرض بأن المعرض يُحيي القوة الناعمة السعودية بوصفه إنجازاً، إلى جانب قوتها التصنيعية والعسكرية، ويفسر المسؤولون في الهيئة ذلك بالقول: إن المعرض نجح في حشد قادة وصنّاع الدفاع الدوليين ليناقشوا مستقبل هذا القطاع الإستراتيجي الذي يشكل نبض الدول ومستقبل شعوبها، حيث تم تخصيص برنامج ثقافي يأخذ الزوار في رحلة عبر تاريخ وتراث المملكة، فضلاً عن البُعد السياحي للتعرّف على معالم المملكة القديمة والحديثة، في تجربة لن تُنسى تترجم قصة نجاح السعوديين وهم يبنون أمجاد مستقبلهم.
* *
وما رأيناه، أن معرض الدفاع كشف لنا عن خطى التحول الصناعي في القطاع الدفاعي، حيث أسهمت جهود الهيئة العامة للصناعات العسكرية في ظل العمل التكاملي بينها وبين شركائها من القطاعين العام والخاص في ارتفاع نسبة التوطين بالقطاع من 4 % عام 2018م إلى تحقيق إنجاز غير مسبوق بنسبة 13.65 % عام 2022م بما يمكّن قطاع التصنيع العسكري من الإسهام المباشر في الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2030م، كما ارتفع عدد التراخيص للشركات العاملة بالقطاع من 5 تراخيص عام 2019م إلى 265 ترخيصاً عام 2023م.