د. يعقوب بن يوسف العنقري
كرَّم أحد المسؤولين في الأسبوع الماضي أحد أفراد مؤسسته لقيامه بتقديم الخدمة اللازمة لطفلة كانت أسرتها في حالة اضطرارية، وقد تعامل الموظف مع اتصال الطفلة بكل إنسانية، مما جعل الوزير يشيد بالموظف ويقوم بتكريمه، وكان من أبرز ما شدني إلى جانب اهتمام الوزير بمثل هذه التفاصيل الدقيقة التي قد لا يعيرها البعض اهتماماً بحكم أنها جزءٌ من عمل الموظف، حديث الوزير عن الشغف في العمل وأن ما قام به الموظف يجسد شغفه بعمله وأدائه الواجب الوظيفي الذي عليه.
ولا أخفي أنني شعرت بنشوة وسعادة ذلك أن الحديث لم يعد عن تأدية العمل فحسب وإنما عن الشغف في أدائه وشتان بينهما، فالشغف هو مصدر الإبداع والتفاني في أداء الإنسان عمله، وتقديم الخدمات لأصحابها على أحسن وجه وأجمل صورة. الشغف في العمل يجعل الموظف لا يرضى بالأداء الضعيف، ولا ينتهج السلوكيات الخاطئة في وظيفته، وإنما ستجده ملهماً ومحفزاً لنفسه ولغيره، قدوة في العطاء والأداء، يستمتع في مهنته ويطور من كفاءته ليقدم الأفضل للمستفيد.
ولهذا فالإنسان الشغوف في عمله ستجده فاعلاً متفاعلاً مع عمله ومهنته، ذا إرادة قوية، وحماس متقد، ورغبة في العطاء والإنتاج، ونشاط وحيوية، لا طريق للكسل والملل المؤثّر على إنتاجيته وتعامله مع المستفيدين. والشغف لا يقتضي أن يتخلى الإنسان عن حياته الاجتماعية وأن تكون حياته كلها في سياق الوظيفة والعمل، فالموازنة مطلوبة بين العمل والحياة الاجتماعية حتى لا تكل النفس وتسأم فتكسل فتضعف الإنتاجية، والوسطية في الموازنة بين الجانب الوظيفي والاجتماعي والأسري في غاية الأهمية، فنريد شغفاً لا يفضي إلى الإرهاق الوظيفي والمهني وبالتالي ينعكس سلباً على العمل.
جانب الشغف في المجال من المحاسن التي سنَّها ولي العهد ضمن رؤية المملكة حتى أضحت ملهمة للمسؤولين، فقد يكون الشخص صالحاً للعمل لكنه غير شغوف به نظراً لاختلاف الهوايات والرغبات والإمكانات، ومن كان شغوفاً في مجال فسيختار من لهم شغف في هذا المجال، لتكون هناك حركة ديناميكية في مجاله وحيوية تصب في التقدم والازدهار الحضاري المأمول.