د. محمد بن صقر
هل بات موضوع الهوية الخليجية محل نقاش وجدل وخوف من فقدان معالمها, وشكلها وجمالياتها وتنوعها الممتد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب عبر الجزيرة العربية أم أن أصبح النقاش والحديث عن الهوية هو أمر مبالغ فيه والخوف عليها هو من باب إحداث الاهتمام فيها وطرحه على ساحة النقاش وتبادل الآراء والمفاهيم والأطروحات التي تكون الآراء مختلفة ما بين مؤيد بخطر ضياع الهوية وذوبانها وما بين صمودها وتطورها فبالتالي هو جدل بيزنطي لا طائل منه سوى النقاش من أجل النقاش.
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو نقاش تم في ملتقى التنمية الخليجي تحت عنوان «الثقافة ومجتمع المعرفة وتأثيرها على التنمية في دول مجلس التعاون» والذي تم مؤخراً في الرياض حيث يعتبر هذا المنتدى تجمعاً لعدد من المثقفين والمهتمين بالشأن العام من مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويسعى إلى خلق مناخ فكري مستقل لمناقشة قضايا التنمية في دول مجلس التعاون بكل محاورها وأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. حيث ناقش بعض الحضور مفهوم الهوية الخليجية بزوايا وأطروحات مختلفة ولست هنا بصدد عرض ما تم طرحه من وجهات نظر بقدر ما أحاول فيه عرض رؤية تستند على بعض السرديات التاريخية للهوية الخليجية بناءً على المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بشكل سريع, فالسؤال الأول الذي لابد من النقاش فيه حول الهوية الخليجية فما هي الهوية الخليجية؟ إن الإجابة على هذا السؤال تعتبر إجابة طويلة وعميقة ومعقدة فيمكن أن تنظر لها من الجانب السياسي أو الجانب الثقافي والاجتماعي أو حتى الاقتصادي فالهوية تعتبر مفهوماً مركباً وهلامياً يدخل فيه كثير من الأشياء حتى يتضح معالمه ويبرز شكله ويميز عن غيره من الهويات ومن هذا المنطلق نجد أن الهوية الخليجية يمكن ذكرها في ذلك الكم من العادات والتقاليد واللغة والدين والثقافة والتاريخ المشترك بين أبناء الجزيرة العربية والتي تحتوي وتتكيف مع بعض العادات الفرعية التي لا تعتبر غريبة عن العادات الكبيرة والتي ترجع وجودها إما للقبلية أو المناطقية أو حتى المذهبية فعلى سبيل المثال تجد أن هناك عادات وتقاليد ولهجات في منطقة ما تختلف عن منطقة أخرى ولكنها معروفة ومتقبلة وغير مستنكرة من باقي المناطق أو الدول الخليجية, السؤال الثاني وهو في اعتقادي يعتبر مهماً لمعرفة هل هويتنا مهددة في الاختفاء أو الذوبان أو التغيير, هذا السؤال يكمن في ماهي مهدات الهوية الخليجية هل هي من الداخل أو من الخارج هل التطور يعتبر مهدداً للهوية الخليجية وهل العولمة بمفهومها الواسع والذي يشمل بناء قيم عالمية وعادات مستوردة قد تتصادم مع الدين أو التاريخ او ذلك الموروث الثقافي أو الاجتماعي قد تكون مهددة للهوية في تغيرها وذوبانها وهل العمالة القادمة للعمل تعتبر مهدداً حقيقياً لذوبان معالم الهوية, إن السياق التاريخي والجغرافي يعتبر منطقة الخليج بحكم موقعها وبحكم قدسية أراضيها مقصداًكثير من الأفئدة ولكثير من الجنسيات فبالتالي قد يكون لها مناعة في ذوبانها أو اختفائها لأنها تعتبر هوية مرنة وصلبة في نفس الوقت وذلك بمرونتها في تعاملها مع كثير مع بلدان العالم من خلال البعد الديني والبعد الاقتصادي وتكمن صلابتها أن كثيراً من معالمها منطلق من سلوكياتها الدينية والثقافية والتاريخية فهي سرديات متوارثة فلا يمكن أن تتحدث عن الهوية الخليجية بدون حديثك عن تاريخها وعن عقيدتها ولا يعني هذا بالضرورة هم أن الهوية الخليجية ليست بمنأى عن التحديات التي يمكن أن تضعفها أو تقلل من انتشارها ولأجل ذلك وجب على المثقفين والمسؤولين نشر الهوية الخليجية ومعالمها وتاريخها ورجالاتها وفكرها بكل الوسائل فصمودها بانتشارها وتأثيرها على الهويات والثقافات الأخرى كذلك لابد من تشكيل الوعي الاجتماعي لدى أبناء منطقة الحليج، حول الهوية وملامحها. وللحديث بقية