ميسون أبو بكر
أثبت الشعب السعودي الذي يشكّل الشباب سبعين بالمئة منه أنه شعب مرن، يحب الحياة ويعمل جاهداً ما استطاع إليها سبيلا، انخرط الشباب في مهن كثيرة أتاحتها لهم فرص الرؤية، نضجت لديهم القناعة بأنهم شريك في بناء هذا الوطن وأنهم حجر الأساس كيفما اختلفت المواقع، ومع الانخراط في الوضع الجديد تلاشت ثقافة العيب التي صنعها المجتمع وعرقلت فكر البعض، وفرضت أسوار عالية حجبت رؤية الواقع كما ينبغي.
حين انطلق مشروع قطار الرياض الذي يعتبر من أكبر مشاريع شبكات النقل العام في العالم قبل عشرة أعوام كان السؤال الذي يتبادر للجميع: هل سيستخدم السعوديون وسيلة النقل هذه وهل سيتأقلمون مع هذه الثقافة الجديدة؟ لا أخفيك عزيزي القارئ كانت الإجابة ذلك الوقت بحاجة لتفكير؛ لكن اليوم الإجابة سريعة ومباشرة بالتأكيد وبدون شك فالسعوديون خطوا خطوات سريعة نحو مستقبلهم والشباب تأقلموا مع متطلبات الوضع الجديد والثقافة الجديدة للمجتمع الذي يسير بسرعة الضوء.
فالمشروع الذي سيسهم في تقليل عدد رحلات السيارات بما يقارب 250 ألف رحلة في اليوم وتوفير ما يعادل 400 ألف لتر من الوقود يومياً، أيضاً سيوفر الكثير الكثير من الوقت الذي أصبح مهدوراً في زحمة الرياض وكثرة فعالياتها ومشاريعها وزوارها وسياحها.
المشروع الفريد والعصري اعتنى بالمحطات المزودة بتقنيات متطورة ثم جودة عالية في كل أركانه وهي الجودة التي يفضلها السعوديون؛ إذ إنه إن اعتبر وسيلة نقل للموظفين الأجانب والعمال لكنه يشكل نمطاً راقياً للسعوديين يغطي المناطق السكنية والمنشآت المهمة ويمر بمعالم العاصمة التي تعتبر مساحتها كمساحة دول، حيث يغطي مترو الرياض مسافة 176 كم منها.
قطار الرياض سيتحدى الأزمة المرورية، وسيكون له الفضل في الاستغناء عن الاستعانة بعدد كبير من السائقين الذين يشكلون عبئا اقتصادياً مرهقاً على الأسرة ويترتب على تواضع مهاراتهم الكثير من الحوادث المرورية.
بعد أن أمضيت أشهرًا في أوروبا أدركت أن استخدام المترو أو القطار هو ثقافة مجتمع ونمط حياة يجعل الحياة اليومية أكثر سهولة وينظم الوقت ويعطي الناس فرصة للاسترخاء والتأمل ومشاركة الآخر،كما إنهاء بعض المهام في الوقت الذي كان مهدوراً في القيادة وزحمة العاصمة.
كان قطار القصيم الذي يمر بالمجمعة اختباراً جيداً وفاتحة مبشرة لهذا النمط من النقل الذي كسر ثقافة الرفض لكل جديد وإذ يعتبر قطار الرياض وسيلة نقل يضاف لها أنه أيقونة فنية تمتد في شرايين العاصمة التي لا تهدأ ولا تنام.