سهام القحطاني
«طموحنا أن نكون ضمن أفضل 20 إلى 30 نظاماً تعليمياً، ونملك كل شيء لتحقيق ذلك»-سمو ولي العهد محمد بن سلمان-.
إن الفكرة القديمة للموهوب بأنه قدرة فردية تختلف عن الآخرين، و أثر خاص بقيمته، تغيّرت لا في أساسها إنما في تفاصيلها؛ إذ أصبحت الموهبة في ذاتها مشروعاً استثمارياً تنموياً للفرد و للمجتمع، فالعالم كل يوم يتغير بفضل عقول الموهوبين في كل مجال.
وهذا المسار للتعليم التنموي ركزت عليه رؤية 2030؛ فالمهارة و الموهبة هما أساسا هذه الرؤية التنويرية نحو التعليم، وتجلت تطبيقاتهما من خلال البرامج والمبادرات التطويرية التي تستثمر مواهب ومهارات الطلاب والطالبات، مثل البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين، والأولمبياد الوطنية للإبداع العلمي.
أما المعلم /ة فقد ظلا في الرؤية التقليدية للتعليم مجرد «عربة نقل للمعلومة من مصدرها إلى المستفيِد منها-الطالب/ة»، وهي رؤية همّشت الجانب الإبداعي للمعلم/ة وتجاهلت إمكانياته وقدراته ومواهبه خارج كونه «عربة نقل»، لكن بعد دخول التعليم منظومة رؤية 2030 اختلفت النظرة للمعلم/ة متجاوزة صورة «عربة النقل» وبدأ التركيز على الجانب الإبداعي لهما لقدراتهما ومواهبهما، باعتبار أن هذين الجانبين ذوا أثر على تنمية موهبة الطالب/ة وفق ثنائية القول «أعطني معلمًا مبدعًا وموهوبًا أعطك طالبًا مبدعًا وموهوبًا».
وتأكيدًا لتغيّر نظرة وزارة التعليم في أهمية المعلم/ة خارج نظرية «عربة النقل» والتركيز على مواهبهما والجوانب الإبداعية لهما، جاءت المبادرة التنويرية للوزرة للكشف عن تلك المواهب والجوانب الإبداعية من خلال «مجتمع المواهب الثقافية» الذي يقوم على حصر مواهب المعلمين والمعلمات في كافة المجالات الإبداعية والمهارية.
فمبادرة مجتمع المواهب الثقافية تسعى إلى استثمار تلك المواهب كل في مجاله على المستوى العام أو الخاص، وتُتيح الفرص لتلك المواهب لإيصال صوتها وفكرها عبر مشاريع يتقدم بها الموهوب/ة إلى الوزارة كجهة داعمة ومساندة لهما ولمشروعهما الثقافي.
ومع تقديرنا لهذه المبادرة التنويرية الرائدة وما يحيطها من مزايا، من أهمها شمل شتات كل المعلمين والمعلمات الموهبين و الموهوبات تحت مظلة مجتمع ثقافي واحد، لتكتشف أن نصف المسيطرين على الميدان الثقافي والإعلامي هما من المعلمين والمعلمات، وهذه قيمة كبرى تحظى بها وزارة التعليم دون غيرها من الوزرات باعتبارها تملك نصف المؤثرين الثقافيين والإعلاميين في المملكة، واجتماع هذه الأصوات الثقافية والإعلامية والأدبية في مكان واحد لاشك أنه سينتج تكامليّة ثقافية ويوسع أفق الموهبة والإبداع عند الجميع ويُنجّمها.
ومع هذه الإضاءة، إلا أن هذا المشروع لا يخلو من نقطتي ضعف؛ أولهما اضطراب تصنيف طبيعة الموهبة عند كل موهوب/ة وهي طريقة أقرب إلى التصنيف المدرسي لا التصنيف الفكري.
والأمر الثاني: ضبابية الهدف والغاية؛ ماذا يريد مجتمع المواهب الثقافية من وزارة التعليم؟ وما هو الدعم اللوجستي الذي ستقدمها الوزارة لإدارة موهبة المعلم/ة وتنجيمها؟
ماذا يُريد معلم/ة مجتمع المواهب الثقافية من هذه المبادرة برعاية وزارة التعليم؟.
1-أظن أن المعلم/ة المبدع/ة، يريد من وزارة التعليم عضوية اعتبارية تعترف بموهبته وإبداعه وتفتح له كل المناشط الثقافية في المجتمع و تحميه من عصبة الشِلليّة التي تسيطر على الميدان الثقافي.
2- دعم الموهوب/ة و إبداعهما من خلال توفير فرص لإيصال صوتهما الثقافي والأدبي والفكري إلى المناشط الثقافية والأدبية والفكرية المختلفة على مستوى المملكة، وذلك من خلال شراكة وزارة التعليم مع وزارة الثقافة والجامعات والأندية الأدبية باعتباره عضوية ثقافية موثقة وموثوقة.
3-أن يكون هناك ملتقى ثقافي فكري أدبي سنوي تحت رعاية وزارة التعليم وبقيادة المعلمين والمعلمات الموهوبات له مجلس إدارة، يعقد كل سنة في منطقة معينة، مثل الجامعات والأندية الأدبية وموضوع مخصوص يجمع ما بين الثقافي أو الأدبي أو الفكري ومساهمته في تطوير العملية التعليمية.
4-استثمار موهبة المعلم والمعلمة وإبداعها في المساهمة في تطوير المناهج وطرائق التدريس وسلالم التقويم فهم أصحاب الميدان، فالطالب/ة يجب أن يكونا المستفيد الأول من موهبة وإبداع المعلم/ة بعد ذات المعلم.
وبعد شكري الجزيل لوزارة التعليم على هذه المبادرة التنويرية ،التي اثبتت أن المعلم/ة ليستا عربة نقل وأنصفت كل معلم/ة هُمشت موهبتهما وإبداعهما زمناً طويلاً.
فإن ما أخشاه كوني أصبحت عضواً في هذا المجتمع الجميل الذي يجمع قيمات وقامات تشرفت بالتعرّف عليهم وعليهن، أن تُدار هذه الموهبة بعقلية تقليدية ،فإدارة الموهبة موهبة في ذاتها، وحينها لا نملك القول إلا «مياه قديمة في قوارير جديدة».