عمر إبراهيم الرشيد
أحدثت الثورات الاقتصادية البشرية تغييرات اجتماعية وفكرية وسياسية وثقافية، واستحدثت معها مفاهيم جديدة، بل ومصطلحات لغوية كما اجترحت ونحتت على أثرها كلمات ومفردات لم تكن في الأجيال التي سبقت تلك الثورات. أولى تلك الثورات البشرية كانت الثورة الزراعية، التي أدت إلى استقرار البشر في مجتمعات متجاورة تمتهن الزراعة مصدر رزق لها، ومعها خلقت ثقافتها الاجتماعية ومفاهيمها وعاداتها، وأصبحت أكثر استقراراً ومدنية. والثورة الصناعية كذلك أحدثت تحولات اجتماعية وسياسية وثقافية ولم يقتصر تأثيرها على الجانب الاقتصادي، فدخول الآلة محل اليد العاملة في العديد من الصناعات خلف بطالة أثرت بدورها على المجتمعات الصناعية خاصة في إنجلترا ودول الغرب، أما أمريكا فأدركتها هذه الثورة وإن كانت أكثر تأقلماً بحكم أنها أمة جديدة من مهاجرين غربيين رغبوا في التغيير بعد أن خلفوا وراءهم الحروب والفقر في بلدانهم الأصلية.
الثورة التقنية بدورها غيَّرت أوجه الحياة وسهلت كثيراً من المشاق واختصرت الزمن، تبعتها ثورة الاتصالات التي جعلت العالم قرية، فتبعتها الثورة الرقمية التي جعلت هذا العالم طوع لمسة الأنامل على شاشة الهاتف الذكي، وهي الثورة التي نعيش دوراتها المتوالدة على مر الأيام.
هذه الأيام تمور منصات الإعلام الاجتماعي بكل ما يخطر وما لا يخطر على بال بشر، لكن أبرز ما لفت انتباهي هو يقظة فئات من الشعب الأمريكي والغربي على ما يحدث في منطقتنا وبالأخص في فلسطين وغزة المنكوبة، بعد أن ظلوا لعقود تحت تأثير وسائل الإعلام الغربية. تعرّفوا من خلال هواتفهم ومنصات الإعلام الاجتماعي على منطقتنا، وعلى المملكة ونهضتها وشعبها، وعلى الإسلام ووسطيته والثقافة العربية والسعودية. إنها الثورة الرقمية وما أحدثته وتحدثه من انقلابات وتغيّرات في كثير من المفاهيم والرؤى والأفكار المعلبة والنمطية.. إلى اللقاء.