محمد الباز
في مشهد الأعمال اليوم لا يمكن تجاهل أهمية دور الشباب بالنسبة للشركات، حيث أصبح الاستعانة بطاقة الشباب في الأدوار القيادية ضرورة إستراتيجية للمنظمات التي تتطلع إلى تصدر المقدمة، حيث يستطيع الشباب تحقيق مزيج من الابتكار والقدرة على التكيّف والفهم الدقيق لكل المستجدات غالبًا ما يكون لا مثيل له.
وفي عصر يحدده التقدم التكنولوجي ومعايير السوق المتغيرة، تصبح وجهات نظرهم المتحدية للمعايير التقليدية أصولاً لا تقدر بثمن يمكنها أن تدفع المنظمات نحو النمو والنجاح. وهو ما تحقق -على سبيل المثال- في شركة Allianz للخدمات البحرية اللوجستية، على يد رجل الأعمال المصري «أحمد طارق خليل».
حيث يذكر «خليل» أنه عندما بدأ في تأسيس شركته بكوادر من أصحاب الخبرة في جميع المناصب، منعتهم خبرتهم الطويلة من تبني أفكار جديدة أو خارج الصندوق، لذلك اتجه بعد بضعة أشهر إلى تغيير مهامهم إلى مهام إشراف وتدريب، واستعان بمجموعة من الشباب كان أكبرهم يبلغ 29 عامًا فقط، ليتمكنوا عبر السنوات من وضع الشركة ضمن أكبر 5 شركات في العالم، بحسب تصريحاته.
وهناك العديد من الأسباب التي يجب أن تدفع المؤسسات إلى إشراك الشباب في المناصب القيادية، لعل أبرزها:
* نشأة القادة الشباب في عالم متصل ببعضه، فغالبًا ما يمتلكون عقلية متصلة بالعالم كله، وهو الأمر الضروري لتحقيق النمو خاصة بالنسبة للشركات التي تعمل في سياق عالمي.
* القادة الشباب لديهم فهم عميق للاتجاهات الحالية وسلوكيات المستهلك المعاصر، مما يجعلهم يتخذون قرارات تحافظ على استمرارية المؤسسات بالشكل المناسب.
* غالبًا ما يتواصل القادة الشباب بشكل أكثر فعالية مع زملائهم لتقاربهم في السن، مما يعزز ثقافة بيئة العمل الإيجابية ويزيد من مشاركة الموظفين، كما يمهد الطريق لتأهيل قيادات شابة أخرى تكمل المسيرة وتضمن الاستدامة.
ومع كل هذه الآثار الإيجابية والفوائد، فهذه الإستراتيجية كغيرها لا تخلو من التحديات، نذكر تاليًا أهمها مع مقترحات أولية للتغلب عليها بأفضل شكل ممكن:
- يعاني القادة الشباب غالبًا من مقاومة سلطتهم من المرؤوسين الأكبر سنًا، وهو أمر طبيعي في البداية بلا شك. والحل بشكل أساسي يتمثّل في تبني سياسة حوار مفتوح وشفاف بين الجميع، لتطوير علاقات يسودها مفاهيم الاحترام وتبادل الخبرات.
- عادةً ما يكون الشباب أكثر عرضة لما يسمى بالاحتراق المهني، نتيجة لحماسهم وإفراطهم في الالتزام وبالتالي تتأثر إنتاجيتهم على المدى الطويل. والحل يكون في تكوين وعي بأهمية الموازنة بين الحياة والعمل، وترتيب المبادرات لذلك داخل المؤسسة مما يعود بالنفع على الأشخاص وبالتالي على المؤسسة وإنتاجيتها واستمرارها.
- ليس كل تقليدي يحتاج للتغيير، وقد يندفع الشباب لمحاولة ابتكار كل شيء مما يهدر الوقت والجهد أكثر مما ينبغي. وهنا لا بد من تطوير ثقافة ووعي بضرورة الموازنة بين التقليد والابتكار، والمقارنة بين الاختيارات المطروحة ونفعها على المؤسسة وموظفيها وخططها المستقبلية ليتم الدمج بين التقليد والابتكار بالشكل الصحيح المتوازن الذي يحقق الفائدة للجميع.
ختامًا، إن إطلاق العنان لإمكانيات الشباب ليس مجرد اتجاه ولكنه ضرورة في عالم الأعمال اليوم، والمهم هو استغلال المزايا من وراء الاستعانة بهم وتجاوز التحديات وتفعيل الإستراتيجيات المبتكرة للموازنة بين حكمة الخبراء وابتكار الشباب.