عطية محمد عطية عقيلان
** كدادة ديجيتل
من المهن الشاقة «الكدادة» ومنهم كان سائقو باصات الكوستر أو ما يعرف بـ»خط البلدة»، وعملهم كان لساعات طويلة على الطريق، من أجل تأمين لقمة العيش والحياة الكريمة لعائلاتهم، كانوا في نظري نموذجا للانضباط للعمل لساعات طويلة وفي الحر والبرد، ورغم تهور بعضهم وعدم التزامه بقواعد المرور، لكنهم لم يتأففوا من مدة العمل الطويلة، وبعيدا عن الحكم عليهم، أصبحنا نشاهد نوعية جديدة من «الكدادة»، ولكن على منصات التواصل الاجتماعي، بل أصبح هناك تنافس حميم بين مختلف الأجيال، ودون التزام من بعضهم فيما ينشر، وينكشف القناع بمحدودية فكره وضيق أفقه، خاصة عند الاختلاف مع فكرته، لذا هناك خطر حقيقي من «كدادي الديجيتل»، على ما ينشرونه من محتوى، والحمد لله أن «الهيئة العامة لتنظيم الإعلام»، تراقب ما يتم نشره، وتقف بالمرصاد، وتوقع العقوبات والغرامات إذا استلزم الأمر، فعزيزي كداد الديجيتل، حاول الالتزام وضبط النفس وتفعيل العقل وتخفيف الانفعال، وأربط حزام أفكارك، لأنها قد تكون ضحلة ومضحكة.
** مرور الكرام
ما يدعو للفخر والسعادة ويبعث للبهجة والأمل، تواجد من يحرصون على الرقي في طرحهم في منصات التواصل الاجتماعي، فهم ليسوا كالكدادة أعلاه، بل قادة في نشر الفضيلة والوطنية والثقافة، وذكر محاسن وفضائل الآخرين، ونكون من المحظوظين إذا استطعنا التعرف عليهم ومتابعتهم، يذكرونك دوما أن «الدنيا ليست بخير»، منهم أ.حمد القاضي @halkadi وأ.محمد الرطيان @alrotayyan وأ.إبراهيم التركي @Ibrahimalamrot، والعديد من الأسماء التي تنشر ما يحفز الإنسان على العمل والتسامح والتغاضي والتثقيف والرقي ورفع الوعي، وجلهم يمتازون، بالتواضع والدعم للجميع وتعليقاتهم وطرحهم إيجابي ومحفز، يقول الشاعر الشعبي المبدع سعد بن جدلان -رحمه الله-، بأنه مهما كان الخلاف وسوء العلاقة ولكن لم ينس السلام يقول البيت:
ما دام أن جانبي شام لجنابك وانت عني شمت
كثر خيرك، وأنا لانيب لا جايع ولا ضامي
أشوف أنه على واجب، اليا مريتكم سلمت
مرور كرام تربطها الكرامة عند الاكرامي
** حرنابك
وصف «حرنابك» سهل تفسيرها رغم أنها تعني وصفا طويلا للشخص، أي أننا لقينا الحيرة في التعامل وياك ومع ما يرضيك، وهي وصف للشخص الصعب في التعامل وتقبل الرأي، ولكن هناك كلمات تطلق على الشخص وصعب تفسير معناها بدقة عندما يتصف بها الشخص، ولكنها تطلق لمعنى سلبي يتصف به الشخص مثل كلمة «عومة» أو «حواق» وهناك وصف جميل عندما يقال هذا «شقردي» أو «هبوب ريح»، وهي تعني الشخص الإيجابي، فلنحاول ألا نكون «عوم» و»حواق» بل «شقردية».
** تعلم من معدتك
الإنسان عندما يجوع، ترسل المعدة إلى المخ بأنه بحاجة إلى الأكل، وكذلك عندما يشبع تعطيه إشارات بذلك، أي أن المعدة الفاضية تميز ذلك وتخبرك به، وكل الناس لديها هذا الشعور، وإن كان هناك من لا يستمع لإشارة امتلاء المعدة ويكمل رغم شبعه، وهذا من أسباب السمنة الرئيسية، ولكن المشكلة الكبرى هي عدم وجود رسائل للشخص لتخبره بأن «مخه فاضي» وليس هناك استشعار بذلك، بل أحيانا على العكس، أصحاب العقول الخاوية والسطحية، يعتقدون أنهم مفكرون ومغيرون، ورسالتنا لهم، تعلم من معدتك وتأكد أن مخك ليس فاضيا.
** خاتمة
سهلة أن ندعي المثالية وننظر ونطلق الأحكام والأوصاف على الآخرين، ولكن المحك الحقيقي لما ندعيه هو أفعالنا وليس أقوالنا، عند مواجهة التحديات والإغراءات، يقول المفكر الدكتور مصطفى محمود-رحمه الله-: «إنك لن تدرك مدى خوفك، ولا مدى شجاعتك.. إلا إذا واجهت خطراً حقيقياً، ولن تدرك مدى خيرك ومدى شرك، إلا إذا واجهت إغراءً حقيقياً».