د. حمد بن دباس السويلم
تعيش المملكة العربية السعودية والشعب السعودي هذه الأيام أفراح ذكرى يوم التأسيس، وهي ذكرى غالية وعزيزة على الجميع نستعيد من خلالها ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بين سعود -رحمه الله- قبل ثلاثة قرون.
ويوافق يوم 22 فبراير من كل عام الذكرى السنوية لهذا الحدث التاريخي الذي غير أوجه الحياة في الجزيرة العربية.
كونه يجسد قيام أول دولة نظامية في المنطقة، بعد حقبة من الزمن عاشت المنطقة فيها العديد من الحروب والانقسامات والعداوات في غياب السلطة النظامية، وانعدام الأمن والاستقرار ومقومات الدولة الحديثة.
وتكتسب هذه الذكرى أهميتها كونها توثّق قيام الدولة السعودية الأولى على أسس ونُظم وقواعد لم تكن معروفة من قبل، حيث قامت على دعائم راسخة وركائز قوية جعلتها عصية على الطامعين والمعتدين، بل شكلت أساساً لقيام المملكة العربية السعودية في مراحل أخرى ازدادت فيها عناصر القوة والأمان والوحدة وتعمقت فيها الرؤى، وتجلت فيها الحكمة مما جعل المملكة العربية السعودية اليوم تحتل مكاناً مرموقاً بين دول العالم، وذات تأثير فاعل في مجال السياسة والاقتصاد والمال والطاقة والأمن وحفظ السلام العالمي، كل ذلك نتيجة للأساس المتين الذي بنيت عليه الدولة السعودية الأولى وجنت ثماره الأجيال فيما بعد.
هذا اليوم التاريخي استحق عن جدارة أن يكون يوماً وطنياً وذكرى سنوية في دلالة على عظمة هذا التاريخ وأهمية الحدث الذي تم فيه وكذلك التحول الكبير الذي شهدته المنطقة بعد قيام الدولة السعودية الأولى من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية، وسيادة مفهوم الدولة الحديثة.
إن احتفالنا بهذه الذكرى العطرة يعبر عن اعتزازنا بتاريخنا، وتوعية الأجيال بتاريخ الوطن وتراثه، وكذلك تعريفهم بجهود الأبطال والقادة التاريخيين وتضحياتهم من أجل هذا الوطن الذي يحتل مكاناً مرموقاً في خارطة العالم.
ونحن إذ نفرح ونبتهج بهذه المناسبة الوطنية الغالية، أيضاً نحمد الله الذي جعلنا ننتمي لهذا الوطن الغالي أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين وأن وهبنا قيادة رشيدة تعمل من أجل البناء والتطوير وراحة المواطن والمقيم والحجاج والمعتمرين والزوار وبفضل الله تعالى ثم بحكمة قيادتنا الرشيدة بلادنا تسابق الزمن وتزاحم الدول الكبرى على الصدارة في مجالات كانت في الماضي القريب حكراً لما يُسمى بالدول العظمى، وقد تفتق ذهن القيادة الرشيدة من خلال رؤية 2030 التي أدهشت العالم ببشرياتها وبما تحقق منها خلال السنوات الماضية، حيث حققت المملكة منجزات عديدة على صعيد الحوكمة والذكاء الاصطناعي والمحتوى المحلي والتصنيع والسياحة وتوطين التقنية وغيرها.
إن أبرز سمات الدولة السعودية الأولى عند قيامها أنها نشأت وسط محيط تعمه الفوضى وينعدم فيه الأمن وتسوده الانقسامات والحروب، فاستطاع الإمام محمد بن سعود -رحمه الله - أن يوحد البلاد ويحقق الأمن والاستقرار لا سيما في طريق الحج وكذلك التصدي للمحاولات التي أرادت وأد الدولة في مهدها ولكنه بتوفيق الله ثم بالحكمة وبوحدة الكلمة استطاع تخطي تلك التحديات والحفاظ على متانة الدولة ونموها وتطورها في ظل ظروف بالغة التعقيد وبإمكانيات محدودة جداً، لكنه عزم الرجال وصدق التوجه والمقصد. الحمد لله أننا نحتفل بهذه الذكرى ونحن نعيش في كنف المملكة العربية السعودية التي تشهد تطوراً كبيراً وتنعم بالأمن والاستقرار والرخاء والرفاهية، وهذا بفضل الله عزَّ وجلَّ ثم بجهود المخلصين من قادتها السابقين واللاحقين، حيث تعانق المملكة العربية السعودية اليوم عنان السماء وترفل في ثياب العز والمنعة والقوة وتتمتع بأعلى درجات الأمن والاستقرار في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، وحفظ بلادنا، وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار والرخاء.