د.شريف بن محمد الأتربي
صدر الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بأن يكون يوم 22 فبراير يوماً للتأسيس، وهو اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ/ 1727م.
في هذا اليوم بزغ إلى العالم أجمع كوكب جديد لم يكن أحد يفكر في يوم من الأيام أن يشغل هذا الكوكب فكر العالم أجمع ووجدانه، فعلى مدار مئات السنوات التي تلت هذا اليوم والمملكة العربية السعودية تلعب الدور الأساسي والرئيسي في كافة المحافل الدولية والعالمية، لا يكاد يقع حدث من الأحداث قريباً كان أم بعيداً عنها إلا ويذكر اسمها شامخاً مرتفعاً كرايتها التي لا تنكس أبداً.
والمتبحر في التاريخ يعرف جل المعرفة أن قيام دولة في هذه المنطقة كان من الصعب حدوثه لولا توفيق الله تعالى ونصره لقاداتها، فهذه المنطقة ومنذ سكنها الأولون هي منطقة قبلية، تعيش فيها قبائل مختلفة لا ترتبط ببعضها البعض مبعثرة أطيافها لا تعرف الاستقرار السياسي ولا الأمني، ليأتي الإمام محمد بن سعود من زمن غير الزمن، وعالم غير العالم، يأتي ليعلن للعالم كله أن راية التوحيد قد عادت خفاقة عالية، وأن نجد وأهلها قد جمعتهم قيادة واحدة، استمرت 94 عاماً، متخذة من قصر سلوى في حي الطريف بالدرعية مقراً لها.
تميز كل عهد من عهود الدولة السعودية الأولى بميزة ارتبط بالفترة الزمنية التي كان فيها، فتميّز حكم الإمام محمد بن سعود بالعمل على ترسيخ دعائم الاستقرار، واستقطاب الحلفاء من المناطق والبلدات المجاورة، فيما تميز عهد عبد العزيز بن سعود بالتركيز على سياسة توحيد مناطق شبه الجزيرة العربية، وعمل على إقامة حكم الدولة السعودية فيها. وجاء عهد الإمام سعود بن عبد العزيز ليسعى في إكمال جهود والده في التوسّع فتجاوز حدود العراق ووصل إلى الشام. أما الإمام عبد الله بن سعود فقد جاهد وبكل قوة حملات الغزاة العثمانيين ومواجهتهم، والانتصار عليهم في مجموعة معارك.
لكن بعد ذلك حاصرت الجيوش العثمانية الدرعية لأكثر من 6 أشهر، انتهى بتدميرها بعد دكها وقصفها بالمدفعية والبارود عام 1233هـ/ 1818م، وهو ما فتح المجال إلى دخول المدينة ونهبها وتهجير من بقي من أهلها الأحياء.
كان سقوط الدرعية بمثابة نهاية مؤقتة للدولة السعودية الأولى، حيث تركت الدولة السعودية إرثًا هامًا في تاريخ شبه الجزيرة العربية، من حيث نشر الإسلام والثقافة العربية في المنطقة، وتوحيد شبه الجزيرة العربية تحت حكم واحد لأول مرة منذ قرون.
لقد ولدت الدولة السعودية كبيرة وظلت كبيرة رغم التعثرات التي واجهتها، واستمرت الإنجازات السعودية متوالية مع ظهور الدولة السعودية الثانية، ومن بعدها الدولة السعودية الثالثة والتي قادها الملك عبد العزيز -رحمه الله- وتوارث الحكم من بعده أبناؤه الكرام البررة، سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله - رحمهم الله - ليأتي عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو سيدي ولي العهد المير محمد بن سلمان - حفظهم الله- ليتسع الكوكب السعودي ويصبح العالم السعودي، العالم الذي يتمنى كل أبناء العالم الآخر أن يعيشوا فيه ويتمتعوا بخيراته، عالم تمكين المرأة، عالم رؤية 2030، تلك الرؤية الملهمة للعالم كله، عالم الاختراعات، وتوطين الصناعات، عالم الرياضة والترفيه، عالم المدن الذكية، ومدن المستقبل، عالم السعودية لا حد له فهو ينمو بسرعة ربما لم ينمُ بها ولن ينمو بها عالم آخر.
يوم بدينا يومٌ ليس للسعوديين فقط، بل هو يومٌ للعالم أجمع.