د. سامي الدجوي
يعتقد بعض قادة المنظمات أن العلاقة التي تربطهم مع الموظفين هي علاقة عمل بغرض تحقيق أهداف المنظمة التي من أجلها تم توظيف هؤلاء الموظفين. وبناءً على هذا الاعتقاد يتصرف هؤلاء القادة، فتجد القائد يتواصل مع موظفيه في الغالب من أجل العمل.
وقد يتجاوز بعض القادة ذلك الاعتقاد ويسيئ التعامل مع موظفيه، كأن يتعامل معهم بكبر أو غطرسة أو احتقار أو غير ذلك، لاعتقاده بأنه بهذا الأسلوب يكون قائدًا عمليًّا ويُركز على إنجاز الأعمال وزيادة الأداء لصالح المنظمة، أو ظنًّا منه خطأً بأنه حازمٌ في عمله وغير متساهل أو غير متسيب.
وهذا الأسلوب في التعامل حتمًا لا يؤدي إلى زيادة الأداء، وغالبًا لا يؤدي إلى تحقيق المنظمة لأهدافها بكفاءة. وهؤلاء القادة - في هذه الحالة - يفتقرون إلى الأخلاق الحسنة، فماذا تعني الأخلاق الحسنة؟ تعني المعاملة الحميدة والسلوك القويم من شخص إلى الآخرين، ويشمل ذلك الزملاء والموظفين وغيرهما.
ومن أشهر أحد الأمثلة الواقعية في منظماتنا، قيام موظف بتحويل معاملة إلى جهة أخرى خطأً منه بغير قصد، هنا المدير ذو الأخلاق الحسنة سيتصرف بأن يُخبر الموظف بهذا الخطأ، ويطلب منه تعديل الخطأ، دون توبيخ أو لوم، وتصرف المدير في هذه الحالة يُعتبر الحد الأدنى من الأخلاق الحسنة، فإن زاد المدير عن ذلك بتقديم الدعم للموظف أو بكلمات التشجيع فهذا من تمام الخُلق. فما هي المنافع من وراء الأخلاق الحسنة؟
يوجد العديد من المنافع لتطبيق القادة للأخلاق الحسنة على الآخرين، يمكن تقسيم ذلك إلى ثلاثة أنوع من المستفيدين من المنافع.
المنافع التي تعود على المنظمة وهي أول وأكثر المستفيدين، من المنافع: أنها تحقق أهداف المنظمة بكفاءة عالية، وتزيد من أداء الموظفين، وتُحسن بيئة (جو) العمل في المنظمة، وتُساعد على تحسين صورة المنظمة لدى الآخرين. والمنافع التي تعود على الموظفين، منها: أنها تُعتبر مصدرًا خارجيًّا مؤثرًا للتحفيز على العمل، وتبعث في الموظفين الشعور بالفخر والانتماء للمنظمة.
أما المنافع التي تعود على الآخرين (مثل: العملاء والمراجعين والمنافسين والجمهور والرأي العام)، فمنها: أنها تبعث بمزيد من الراحة والاطمئنان للآخرين عند التعامل مع المنظمة، وأنها تؤثر على تحسين سلوك وأخلاق الآخرين وربما المجتمع ككل.
ومن الملاحظ أنه لا يوجد تعارض بين تحقيق المنظمة لأهدافها وبين اتباع القادة للأخلاق الحسنة والسلوك القويم، بل إن ممارسة القائد للأخلاق الحسنة، تُساعد على تحقيق المنظمة لأهدافها بكفاءة، وهي جزءٌ لا يتجزأ من النجاح المهني طويل المدى للمنظمة، وتعتبر عنصرًا رئيسيًّا من عناصر القيادة الناجحة. ويمكن القول بأن الأخلاق الحسنة والسلوك القويم هما الركن الركين للإدارة السليمة.
وهنا نشير إلى مثال حقيقي واقعي نلمسه ونعيشه عن قادة وساسة المملكة العربية السعودية، أنهم - بفضل الله تعالى - يتعاملون بحُسن الخلق مع الآخرين داخل المملكة وخارجها، ويرفضون أن يكون هناك تعامل بغير ذلك، وهذا من كمال الخلق وحسنه.