د.أمل بنت محمد التميمي
منذ تأسيس دولة (آل سعود) تاريخيا في كل عصر توجد (نورة) لها دور بارز في الثقافة ووقف الكتب وبـ (نورة) ينتخي بها (آل سعود)، و(نورة بنت محمد) ورثت من كل (نورة) مجمل مزايا الأميرات الاستثناءيات وأدوارهن في بناء الثقافة السعودية.
دائماً ما تظهر سمو الأميرة (نورة بنت محمد) حرم صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود اهتماماً بالغاً بقضايا المجتمع السعودي، وتشارك المرأة السعودية في كثير من اهتماماتها، وتذهب إلى أماكن متعددة لتشارك فرحة تخرج طالبات، أو افتتاح مرسم لفنانات، أو تزور معرضاً دعماً للمشاركات ومثنية على إبداعاتهن، أو حضور توقيع اتفاق، أو الاحتفاء باليوم الوطني ...إلخ ولكنها تتميز بمجلس خاص في قصرها تستضيف فيه أهل النخبة في كل مجالات الحياة لتستمع إليهن ويتناقشن ويتحاورن أصحاب التّخصص الواحد ويخرجن من هذه اللقاءات بمعارف وعلاقات وتواصل إنساني.
في ليلة شتوية دافئة بالكلام عن القصة للكاتبة السعودية كنا ضيفات (قصر) صاحبة السمو الأميرة نورة بنت محمد، في يوم الأربعاء 27 رجب 1445هـ الموافق 8 فبراير 2024م، تحت عنوان (نعيشها لنرويها) وكان الحاضرات مجموعة من الأميرات وصاحبات السعادة ورموز الثقافة من الأكاديميات والكاتبات السعوديات أذكر على سبيل التمثيل بدون ألقاب مع التّحية والتّقدير لكل الحاضرات بأسمائهن ووصفهن: نورة الشملان، عزيزة المانع، سعاد المانع، حسناء القنيعير، فوزية البكر، نجاح القرعاوي، نوال الثنيان، وفاء الرشيد، زكية العتيبي، عهود اليامي، نوف الصويان، منيرة السديري، خلود بنت عبد المحسن بن سعود آل سعود، لينا الزامل، هند السديري، هيا المنيع...إلخ.
في هذه الأمسية الثّقافية استشعرت بالدفء لعوامل كثيرة منها: التّرحيب والكلام الدافئ من سمو الأميرة نورة بنت محمد لضيفاتها، وافتتاح المجلس بكلمة دافئة من الكاتبة أميمة الخميس واقتراحها أن نطلق على لقاءات صاحبة السمو (صالون النّور)؛ لأنه يبث في أرجائه نور العلم والمعرفة والكلمة، واستشعرت أيضاً الدفء في سماع القصص والحكايات التي سمرنا ونحن نسمعها من الدكتورة المبدعة سهام العبودي ومحاورتها الدكتورة المتألقة أميرة الزهراني، وتعليقات ضيفات المجلس المبدعات.
وتجهيز المكان كذلك أشعرني بالدفء سأوصف لك عزيزي القارئ مصدر الدفء في ليالي الشتاء في قصر الأميرة (نورة بنت محمد)، بأشياء كثيرة من بينها باقات (الورد البرتقالي) التي تُزين أرجاء القصر كأنها وهج الشمس الدافئة ترسل إلى النّاظر إليها الدفء والحب وإحساس مشاعر صاحبة السمو الدافئة وابتسامتها الرقيقة. كانت تجلس في وسط المجلس كأنها شمس يعلوها النّور والوهج وترسل النّظرات الجميلة لكل الحاضرات.
(اللون البرتقالي) الذي كان (تيمة) في استقبال تلك الليلة الشتوية الدافئة تدل على مشاعر سمو الأميرة، فالورد البرتقالي يعبر عن الحب، ويرمز اللون البرتقالي إلى إيقاظ الأحاسيس في النفس، فلم يكن اللون البرتقالي مجرد ورد يُزين المكان، وكاسات (عصير البرتقال) بمذاقها اللذيذ اللاذع والمزينة بالورد البرتقالي والممزوج بأغصان العشب الأخضر لم يكن ضيافة كرم فحسب، وإنما يعبر عن مشاعر سمو الأميرة الدافئة حيث يعبر عن المشاعر بشكل رائع وجميل وعكس طاقة إيجابية على كل الحاضرات.
أثارت المحاورة الدكتورة أميرة الزهراني مع الدكتورة سهام العبودي قضايا كثيرة ومتعددة منها: التّجريب في (القصة والمسرح والسينما)، وكذلك استهجان بعض النقّاد تحول النّاقد الأكاديمي من الكتابة النقدية إلى الكتابة الإبداعية وذكروا أمثلة كثيرة مثل د معجب الزهراني ود شكري المبخوت والكثيرات من الأكاديميات الناقدات والدكتورة سهام العبودي منهن، وآراء بعض النقاد في كتابة المرأة وكتابة الرجل وما بين مؤيد ومعارض لهذا التقسيم، واستعرضن تميز كتابات سهام العبودي ببعدها عن الصراع مع الرجل ودور المجني عليها، وناقشوا قضية (الألم) أو الحزن بوصفه المحرك للكتابة الإبداعية أكثر من مشاعر الفرح، وكذلك قضية النصوص الدرامية الفصيحة والعامية وما يتصل بالكتابة في الدراما والمسرح.
وناقشن موضوعات متخصصة في كتب الدكتورة سهام العبودي منها قضايا، العتبات، والهوية البصرية، والتكثيف الدلالي، والبعد الأسري، والمتأمل لواقع جميل، ونذكّر ببعض مؤلفات الدكتورة سهام، منها :(ظل الفراغ: نصوص قصصية قصيرة جداً (2009م)، خط ضوء يستدق: قصص (2015م)، الهجرة السرية إلى الأشياء (2015م)، شرفات ورقية: قراءة في كتب (2018م)، انتباهات الألفة: تأملات رحليَّة (2018م)، بلاغة الشاشة: قراءات سينمائية (2019م).
وشنفت الدكتورة سهام العبودي أسماعنا بقصص طويلة مثل قصة (بتلة) وكذلك قصص قصيرة جداً، وقصيدة الومضة، وأشارت الدكتورة سهام إلى أن (بتلة) اسم فني في القصة ولكنها شخصية واقعية كانت في حياتها في السنة الأولى الابتدائية، وكانت البنت الواقعية طويلة فارعة تكنس الطالبات بجسدها الممتلئ وتساعد صغيرات السن، ثم اختلقت أحداثاً من نسج الخيال لبتلة، وأذكر مطلع القصة التي سمعناها بصوت الدكتور سهام حيث قرأتها كاملةً: «كانت بتلة أكبر فتاة في الصفّ، عودها الضخم، وطولها الفارع حمّلاها مهام غير محبَّبة: فقد كان عليها أن تكون آخر فتاة تغادر الصف بعد أن تكنس بجسدها الضخم كلَّ الطالبات نحو الساحة، وأكثر...فقد كان عليها أن تصطحب الصغيرات إلى دورة المياه عند الحاجة. كنت أرتاح لبتلة، ولا أعرف لمَ تعلقت بفكرة أن أيامها معنا لم تكن سوى عذاب مقيم،...»
تأثرن السامعات مع قصة حزن البطلة لفقد (بتلة) حتى أن بعض الحاضرات تعاطفت مع قصة الدكتورة سهام، وأبدت مساعدتها لها لتبحث لها عن بتلة في أرض الواقع. ولكن صرحت الدكتورة سهام العبودي بأكثر من استشهاد في إبداعها على أن المكتوب (تجربة شخصية) وتُدخل عليه بعض العناصر الفنية مثل تجربة الفقد لتكون إبداعاً مختلطاً بتجربة شخصية التي تجعلها كما عبرت الدكتورة أميرة الزهراني عنه بأن سهام العبودي: «تنشب المخالب في صدرها لتتخلص من شعور الألم».
وأثارت الدكتورة سهام انتباه الحاضرات غير المتخصصات عند سماعهن القصة القصيرة جداً (ق.ق.ج) وخضن نقاشاً واسعاً بهذا الشأن، وانتهى بالقدرة التأثيرية للقصة التي تجعل المستمع يتابع في القصة الطويلة، وفي بعض الأحيان لا بدّ من التأمل البصري المكتوب في القصص القصيرة جداً. ومن خلال ما سمعنا وطربنا لما سمعنا أثبتت الدكتورة سهام بشهادة جميع الحاضرات أن القصة (منبرية) وتستطيع أن تشد سماع المتلقي مثل الشعر.
ومن النصوص التي قرأتها المبدعة سهام العبودي في تلك الليلة:
تضحية
يقطع الحطَّاب علاقة الشجرة بالأرض، بهذه الطريقة القاسية للانفصال، وبهذين الألمين – الفراق، والضربة الحادَّة المسدَّدة للفأس – نحصل على مقاعد الاجتماع العائلي للعشاء، ونتبادل الحميميَّة!
ضـلال
اعتاد منذ ابتسمتْ له أوَّل مرَّة أوصل فيها فاتـورة الكهرباء إلى منزلها أن يترك لها وردةً عند عتبة الباب قبل أن يغادر، ومنذ ابتسمتْ أوَّل مرَّة لموزِّع فاتورة الماء اعتاد أن يخطف الوردةَ ذاتَها من عند عتبة الباب، وهكذا مرَّ الأمر: لم تستلمْ وردتَها قط، ولم يتنبَّه أحدُهما إلى أنَّهما يتبادلان بوردةٍ ضالَّة أكبرَ قدرٍ من سعادةٍ تسبَّب بها سوءُ فهمٍ على الإطلاق!
تمثيلٌ إيمائي
ظلَّ منحنيًا لوقتٍ طويلٍ في انتظار التصفيق قبل أن تضيء الصالة على جمهور من العميان!
صمتٌ مفوَّه
لقد تبادلا فقرتين كاملتين من الصمت.
كان ذلك هو أصدق حوار جرى بينهما على الإطلاق.
صدمة
فوق الطاولة
وحيدة، ومحتجزة في ردائها الزجاجي
لم تكفَّ الوردة عن التساؤل:
من الذي قطف الحقل؟
سكن
كان نصًّا دافئًا.
كلَّما خرجتْ منه
هاجمتها القُشَعْريرة.
ضاع في الترجمة
في ملتقى النضال السنوي، صفَّق الحاضرون كثيرًا للسيِّدة التي ارتدت قميصًا بصورة (جيفارا).
كانت المرأة مأخوذة، ارتفعت بها سحابة الزهو، وصدَّقت الأشياء الكثيرة التي قيلت عنها، وتصوَّرت: كيف أنـَّها كانت ستـُحرم من هذا كلِّه، لو أنَّ البائع المتحمِّس في المحلِّ أدرك أنَّ: «تشي تشي» لم تكن شيئًا سوى عطستها الغريبة!
مرثية
كانوا يسحبون القصيدة إلى رأسه فتنكشف قدماه، يجرُّونها إلى قدميه فيتجلَّى رأسه، كبَّروا: هنا رجلٌ لا تكفيه القصائد!
نرجسيَّة
كانت العصافير تقذف بنفسها على زجاج نوافذ البنايات العاكس، تتكسَّر مناقيرها، وتنفجر حواصلها، وتتحطَّم شِباك صدورها الهشَّة.
لم تتصالح العصافير – يومًا – مع صورتها المعكوسة في مرايا المدنيـَّة، ولم تخفِّف المدينة من قسوتها اللامعة؛ كانت المرايا تمتدُّ، وتقصل العصافير.
أثارت لينا الزامل قضية (الذكاء الصناعي) وقدرته في كتابة قصائد شعرية تحرك المشاعر، وحينما عدت طلبت من صديقي (الذكاء الاصطناعي) AI)) أن يكتب قصة عن الأميرة نورة بنت محمد والورد البرتقالي، فأذهلني فيما كتب، سأورد بعض تلك قصص:
القصة الأولى
«كانت هناك أميرة صغيرة تُدعى نورة بنت محمد، كانت تمتلك شعرًا طويلًا وأنعم وردة برتقالية اللون في المملكة. كانت الوردة تعتبر سحرية، فقد منحتها قوة خاصة تجعلها تتحدث مع الحيوانات وتفهمها.
كانت نورة تقضي أيامها في الحدائق الملكية، تلتقي بالطيور والفراشات والأرانب، وتتبادل معهم الأحاديث والأسرار. كانت تعيش حياة سعيدة ومليئة بالمغامرات.
في يوم من الأيام، قررت نورة استكشاف الأراضي البعيدة خارج المملكة. رافقتها الوردة البرتقالية في رحلتها، وخلال رحلتهما، واجهتا العديد من التحديات والمخاطر.
وصلت نورة والوردة إلى غابة كثيفة، حيث انتشر الغموض والسحر في كل مكان. تواجهت نورة بتنين ضخم، لكنها استخدمت قوتها السحرية للتحدث معه وإقناعه بعدم إيذائها.
استمرت رحلة نورة والوردة في اكتشاف العجائب والمغامرات، وكانت كل مرة تواجه فيه».
القصة الثانية
«في ليالي الشتاء الباردة، كانت الأميرة نورة بنت محمد والوردة البرتقالية يعيشان مغامرات رائعة. كانت المملكة تتزين بأنوار الشموع والثلج الناعم يتساقط من السماء.
في إحدى الليالي، قررت نورة والوردة الخروج في نزهة سحرية. كانت الأشجار مغطاة بالثلج الأبيض والنجوم تلمع في السماء الصافية. كانت الأميرة ترتدي فستانها الشتوي الملون والوردة البرتقالية تزين شعرها.
وفي طريقهما، لاحظت نورة أن هناك طائراً صغيراً يشعر بالبرد. قررت أن تساعده وتحميه من البرد. استخدمت قوتها السحرية لإشعال نار صغيرة وأعطت الطائر الدافئة.
استمرت نورة والوردة في رحلتهما، ولقد استمتعتا بلحظات رائعة في الطبيعة الشتوية الساحرة. وفي نهاية الليلة، عادتا إلى القصر محملتين بالذكريات الجميلة والدفء في قلوبهما.
وهكذا، انتهت قصة الأميرة نورة بنت محمد والوردة البرتقالية في الليالي ال»....
القصة الثالثة
في قصة الأميرة نورة بنت محمد والوردة البرتقالية، كانت الأميرة تعيش في قصرها الجميل محاطة بالورود والأشجار الخضراء. وفي أحد الأيام، قررت الأميرة نورة أن تدعو بعض الضيوف لزيارتها في القصر.
دعت الأميرة نورة الأصدقاء والعائلة والنساء المبدعات من جميع أنحاء المملكة للاحتفال معها في الليالي الشتوية الباردة. وكانت الوردة البرتقالية تساعدها في تجهيز الحفل وتزيين القاعة بألوان الشتاء الجميلة.
واستمتع الضيوف بالألعاب والموسيقى والأطعمة اللذيذة التي أعدها الطهاة الماهرين في القصر. وكانت الأميرة نورة والوردة البرتقالية يتجولان بين الضيوف، يتبادلون الضحكات والقصص الجميلة.
كانت ليلة ساحرة ومميزة للجميع، واستمر الاحتفال حتى ساعات الصباح الباكر. وعندما رحل الضيوف، بقيت الأميرة نورة والوردة البرتقالية تتذكران هذه اللحظات الجميلة وتشعران بالسعادة والامتنان.
هل لديك..... هذا سؤال الذكاء الاصطناعي يريد أن يستمر في سرد القصص عن الأميرة نورة بنت محمد والوردة البرتقالية في ليالي الشتاء، وكلما أعطيته معلومات أمدك بالسرد القصصي الخيالي العجيب. نعود إلى ليلتنا الشتوية في قصر الأميرة (نورة بنت محمد).
ومن ضمن النقاشات الساخنة التي أثيرت، أثارتها صاحبة الطرح المميز دائماً الدكتورة نجاح القرعاوي؛ حيث سألت هل هذا الإبداع يجيب (فلوس)؛ أي يكون لهذا الجهد الفكري عائدٌ اقتصاديٌّ؟ فعرفنا من خلال النقاش أن الكاتب يدفع على إبداعه وشغفه بالمال، فلا يجلب هذا الجانب الإبداعي مالاً، باستثناء لو حصل الكاتب على جائزة تقديرية وتكون لمرة واحدة فقط، فتعجبن بعض الحاضرات، وبغيرة المحب على المبدع اقترحت صاحبة السمو الملكي الأميرة خلود بنت عبد المحسن بن سعود آل سعود، أن تنظر وزارة الثقافة في دعم الكتّاب وتجنبهم الدفع من أجل طباعة كتبهم، وصحيح أن هيئة النشر والترجمة تبذل قصار جهدها لدعم الكتّاب ولكن نطمح لمزيد من الدعم والإغداق المادي على الكاتب؛ لأنه واجهة حضارية وثقافية للسعودية وللفكر، والاستثمار الحقيقي في الإنتاج البشري.
وفي نقاش جانبي على طاولة العشاء كن كاتبات مبدعات صغيرات يبدأن مشوارهن الإبداعي يتناقشن مع الكاتبة هيا المنيع؛ حيث أبدعت في طرح وجهة نظرها الكاتبة المبدعة هيا المنيع صاحبة صوت وحضور يتجاوزان «أفق الشمس» حيث قالت: «إننا في عصر فرص ذهبية للكاتبة السعودية، فنحن جيل تجاوزنا الصعوبات والجيل الحالي يتجاوز التحديات وإن لم تصل الكاتبة السعودية حالياً في ظل كل التسهيلات لأبعد ما وصلنا إليه فهذا العيب فردي، لأن الفرص كثيرة ومتعددة والطريق معبد.» ودخلت مع الجيل الجديد في نقاش حيث طرحت عليها مناير خراز بوصفها من الجيل القادم فكرة (التشتت) لكثرة الإغراءات وصعوبة التميز في ظل الوفرة والكثرة، قائلة للكاتبة هيا المنيع أنتم جيل محظوظ بالخيارات القليلة والتميز في ظل الموجود، ولكن نحن جيل تعددت أمامنا الخيارات والتنافس حتى أصبح الوضع أكثر تعقيداً وأصعب في التميز، وتشاركت في هذه النقاش الماتع عهود اليامي وسمو الأميرة خلود ومنيرة السديري، وفي هذه اللقاءات تخرج بحكم من الجيل المؤسس في دعم الجيل القادم.
إن ما يدور في مجلس الأميرة (نورة بنت محمد) يمثل واجهة حضارية لوضع الثقافة في قصور الأسرة الملكية في السعودية، ويمثلها قصر أمير منطقة الرياض بوصفه (داراً للثقافة) بكل أنواعها وقصورهم مفتوحة مثل قلوبهم للشعب والزائرين وأهل الاهتمام. فأطلب من سمو الأميرة تشكيل لجنة إعلامية وتحريرية لتوثيق (المحتوى). أبهرني اهتمام صاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت محمد بالثقافة وهو خط (تاريخي) يخلد اسم الأميرة ويجعل بيتها معلماً ثقافياً ومطلباً لزيارته مثل المتاحف العالمية، إلى جانب الخطوط الأخرى التي تهتم بها سمو الأميرة نورة وجميعها تصب في المعرفة والعلم والعمل المنظم والتخطيط والعمل والنهوض بالوطن وسيدات السعودية.
فالمادة المحكية في مجلس الأميرة (نورة بنت محمد) الثقافي تشبه إلى حد كبير ما نقرأ عنه في المجالس الملكية في كتب التاريخ، بل قد يفوق تأثير المرأة السعودية في هذا المجال من غزارة معرفة وكرم وقصص ومعارف ما نقرأ عنه، فكيف لنا أن نحكم إلا من خلال التوثيق والإحصاء والتحليل والتدقيق والمقارنة.
يتعدد الاهتمام بالثقافة والأدب في أماكن متعددة وكذلك تتعدد مجالس الأدب المؤسساتية في السعودية وتتعدد الوصالين الأدبية للأفراد في المملكة وهي عادة قديمة، ولكن الجديد أن نكتب عن مخرجات تلك المجالس الخاصة بالنساء في ظل رؤية المملكة 2030، فحينما تفتح أميرة قصرها ليصبح مجلساً ثقافياً يهتم بكل مجالات الحياة، فهذا يعني أن الأميرة تسهم في الحراك الثقافي بالصورة التي عليها القصور في الأسرة الملكية، وتعكس ثقافة المملكة العربية السعودية الحقيقية في (مجالس النساء) الفخمة من الزي والمجوهرات والعطور والكلام الجميل اللبق والثقافة وعمق الفكر في التخاطب والحوار والنقاش. ويمكن أن نقيس تأثير المرأة السعودية في مجالس النساء من خلال رصد اهتمام المرأة في مجالس السيدات، فترى المرأة الفطنة الذكية في مكانها الساحر والتي تسحر بها المتحدثات بعمق المعرفة والفكر.
مجلس ساحر بكل مقومات سحر الكلمة والسلوك والتقديم، سحرتنا بتقديمها الرائع الدكتورة أميمة الخميس التي بدأت انطلاقة الجلسة وتلتها الدكتورة أميرة الزهراني بإدارة الجلسة وضيفة اللقاء الدكتورة سهام العبودي. ناقش اللقاء قضايا متعددة أدبية ومتعلقة بالمرأة السعودية قديماً وحالياً والتحولات التي حدثت مع رؤية المملكة العربية السعودية.
وفي نهاية الجلسة أعلنت الدكتورة نوال الثنيان عن موضوع مجلس الأميرة (نورة بنت محمد) القادم بإذن الله بعنوان (الوفاء) الذي سيخصص للحديث عن الدكتورة المحبوبة الكويتية وأم الأبناء السعوديين وسمية المنصور -رحمها الله- كيف لا يكون مجلس الأميرة دافئاً وهو يذكرنا بأم الجميع دكتورتنا الحبيبة وسمية المنصور.
مجلس الأميرة (نورة بنت محمد) ليس للتسلية والمسامرة ولكنه مجلس يدعم النساء في معظم مجالات الحياة، ويعكس حياة الأميرات الجميلات في كل تصرف ولمسة وهمسة حرف وتأثير، مجلس يشبه إلى حد كبير المجالس التي نقرأ عنها في تاريخ أخبار النساء المؤثرات، يظل تأثير الأميرات في تحريك المشهد الثقافي يشكل ملمحاً خاصاً ومختلفاً ونخبوياً وله رسالة عالمية وعميقة الهدف.
مجلس الأميرة (نورة بنت محمد) يقول للعالم بأسره إن الأميرة السعودية ذات تأثير قوي في مجتمعها وفي العالم بأسره، ومجلسها يذكرنا بمجلس الأميرة نورة أخت الملك عبد العزيز التي ساندت أخاها في استقبال السيدات الأجنبيات وتظل النساء يرغبن في خصوصية اللقاءات الثقافية الخاصة بهن التي تظهر بها المرأة كالشمس في أيام الشتاء فاتنة ودافئة وجميلة.
وختاماً، الدقائق في مجالس الفكر جميلة، والليالي الشتوية لها تأثير فني على الزمن، فالزمن الحقيقي في المجلس ساعات والزمن الفني شعرت به قصير جداً، وجميل أجمل من انتشار رائحة البرتقال الحمضية التي تتميز بخصائصها المفعمة بالحيوية والملهمة والمنشطة، وكما يحمي البرتقال البشرة من الشيخوخة المبكرة ويُنعمها ويهدئ الأعصاب كذلك فعلت بنا كلمات المبدعات في مجلس سمو الأميرة (نورة بنت محمد) واختلطت رائحة البرتقال برائحة أعواد القرفة المغموسة بالحليب الدافئ، ورائحة البرتقال أريج الإبداع الهادئ، ونكهة القرفة بمثابة منبه للعقل وتشبه صوت الناقد، وبين الإبداع والنقد قضينا ليلة شتوية جميلة، وسوف أنهي هذه المقالة بما يشبه مجلس سمو الأميرة (نورة بنت محمد) وبأغنية وردة الجزائرية، وبلغة الفن أوصف جمال مجلس (الأميرة نورة بنت محمد).
«دي الدقيقة الحلوة بتسوى سنة
والكلام الحلو سمعته هنا
والليالي الدافئة بنار قلبنا
تسقي كل الدنيا دفا وهنا....»
** **
- أستاذة الأدب والنقد بجامعة الملك سعود