علي حسين (السعلي)
لحياة المثقفين طقوس غريبة في قضاء يومه، فمثلا لايستطيع أن يكتب غالبا إلا وغرفته مبعثرة، أوراق تحت الطاولة مركومة، حبر اندلق على بعضها بحانب كتبه وقلمٌ اضمحلّ غطاؤه الذي يكتب به… وآخرون حين يتعبون من الكتابة يقرؤون كتبا آخرى.. وقليل من يسمع مذيعة في قناة إخبارية وهو يكتب ولا يعير ما قالته أي اهتمام -وكاتبكم - إذا أراد الكتابة استقلّ سيارته ومضى هكذا بلا هدى يستحلب من المارة أفكار ما يكتب، وقد يقطع مسافات طويلة، وحين تعنّ له فكرة في رأسه يتوقف يكتبها حتى لا تضيع ويكمل سِفْر أفكاره إلى عوالمه التي لا يفهمها إلا هو… وهذي طريقة متوارثة من جيل إلى جيل خذوا مثلا ( كتب فرانز كافكا الى «ميلينا» :
تتوهمين ، فلن تستطيعي البقاءَ إلى جانبي مدّة يومين .. أنا رخوٌ، أزحفُ على الأرض
أنا صامتٌ طول الوقت، انطوائيٌّ، كئيبٌ، متذمرٌ، أنانيٌّ وسوداويّ.
هل ستتحملين حياة الرهبنة، كما أحياها؟
أقضي معظمَ الوقتِ محتجزاً في غرفتي أو أطوي الأزقَّة وحدي.هل ستصبرين على أن تعيشي معي بعيدة كلياً عن والديكِ وأصدقائكِ بل وعن كل علاقة أخرى،ما دام لا يمكنني مطلقاً تصور الحياة الجماعية بطريقةٍ مغايرة؟
لا أريدُ تعاستكِ يا «ميلينا» ..أخرجي من هذه الحلقةِ الملعونةِ التي سجنتكِ فيها، عندما أعماني الحب!
فردت عليه «ميلينا» : « و إنْ كنتَ مجرّد جثّة في العالم .. فأنا أحبّك)
وقد تسألني عزيزي القارئ طيب الأمسيات واللقاءات بين المثقفين والنشاطات التي يقيمها الشريك الأدبي بما يسمّى المقاهي الثقافية ، هل للمثقف فيها دور في تلقي أفكاره أو قضاء وقته ؟ وسأكون معك صادقا وجريئا وموضوعيا وإن عتب البعض :
لا فائدة منها بالنسبة لي على الأقل ، طيب اسألني لماذا؟! سألتني ولكن بشرط اقرأ ولا تندهش سمعتني قرأت ما كتبت فوق؟ حسنا
سفراء الأدب التي أقرتها جمعية الأدب مشكورة تحت مظلة هيئة الأدب بالنشر، الفكرة جميلة بصراحة وخلاّقة ولكن مثلبها كما اعتقد لا مقرات لها هذا أولا ثانيا: مشاركاتهم تأتي باليوم العالمي ( الشعر القصة…) فقط غير ذلك نائمة في العسل !
ثالثا: أغلب إن لم أقل جلهم من المشاركين أعضاء بالجمعية وهذا من حقهم بطبيعة الحال ولكن العجيب والغريب أن من يختارونهم معهم أصدقاء زملاء مبدعون وهذه حقيقة الأدهش مكررون!
فهذا تقرأ عنها بجدة بعد فترة بالطائف وبعد شهر في الباحة إن لم تكن الرياض حاضنة للمبدعين القدامى وحين تسأل طيب والشباب أين هم من كل هذا؟ لا إجابة للأسف!
أما المقاهي الثقافية عبر الشريك الأدبي فحدث ولا حرج،العناوين والموضوعات أستغفر الله المهم لا جديد فيها أشبه بعناوين أفلام المقاولات تأدية واجب فقط ملأ فراغ ثقافي حتى نكون منصفين أما القليل فتضخك بملء فيك، فالذين يأتون بهم أسماء لهم قيمته ومكانتهم هذا صحيح لكن بأفكار التسعينيات ولايمت بعام ألفين وأربع وعشرين بأي صلة للأسف فأين تذهب هذا المساء أيها المثقف الحقيقي والأديب الأديب؟
على المدرج تتفرج، قابع ببيته يكتب ذاهب بسيارته يستنطق الجوامد ليبدع، وإن حضر لفعالية فمغصوب عليها، يستمع يتداخل كعابر سبيل استظل عند مقهى شرب «كبتشينو» وذهب قائلا:
اللهم إني بلّغت فاللهم اشهد!
سطر وفاصلة
أين ستذهب هذا المساء؟
سأنتظرُ عُمْرا يغازلُ وقتي
يرشفُ من يقاياي وشما
على رقبة حرفي
سأتستقلّ بعض أفكاري
كتابي، آهاتي، أشواقي
معي في سيارتي
أتسلّق شجرة الهوى
احملك بروحي وتخطفني
برمش عينيك حتى إذا ما وصلنا
تساقطت أوراق الغرام تهبط بنا
إلى الأرض على بساط يدي
لولبية الغرام شمسية العشق
من نار بعدك تظلّني
عيناي بريق كحل عينيكِ
روحي معك حيثما تكونين ??حبيبتي??
لن أرحم إن غفا وما اطمأنّ
عليكِ جفني
سأنتظرك حتى إن ملّ الوقت
مِنّي
أين ستذهب هذا المساء؟!
من الماء للماء