سليمان بن عثمان الفالح
الحمدلله الذي خلق الموت والحياة ليبلو الناس أيهم أحسن عملا، وهو سبحانه العليم القادر، عليمٌ بأحوال الناس ومايؤولون إليه، والموت حق ولا بد منه، والحياة حق ومآلها الموت، وهو فترة انتقالية إلى أن يبعث الله الخلق جميعاً ليوم الحشر الذي يجمع الله فيه الخلائق للحساب، ثم إلى الجنة أو النار، ولا شك أن من مات على شهادة إلا إله إلا الله فهو إلى خير ومآله الجنة، أقول ذلك إثر وفاة العالم معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الفالح ابن العم والأخ والصديق الوفي الذي وافته المنية صباح يوم الثلاثاء الموافق 10شعبان، وصلي عليه في المسجد النبوي الشريف ودفن في مقبرة البقيع، وكان- رحمه الله- يعمل في خدمة المسجد النبوي سنين طويلة بمسمى نائب الرئيس لشؤون الحرم المدني، وسبق أن درّس في المدرسة المتوسطة الثالثة في الرياض، ثم في مدرسة اليمامة الثانوية، ثم عميداً لكلية اللغة العربية، وهو -رحمه الله- منذ أن بدأ عمله يعمل بصدق وإخلاص لا يعرف الملل ليله ونهاره، عمل متعاوناً مع جميع موظفي المسجد النبوي الشريف وضيوفه الكثر، وكان حريصاً على خدمة دينه ووطنه، ومليكه جعل الله ذلك في موازين أعماله، وكان قبل ذلك أميناً لهيئة كبار العلماء، وهو لا شك معد منهم، لما يتمتع به من علم وخلق، كما أنه -رحمه الله- معروف بين زملائه وإخوانه وطلابه ومعارفه بالصدق والإخلاص والوفاء وحب الخير وفعله منذ معرفتي به أثناء الصغر والكبر، وهو من خيرة الزملاء والأصحاب، وقد تزاملنا في مدرسة الزلفي الأولى، وكان -رحمه الله- معروفاً بالصمت وقلةِ الكلام إلا في مجال العمل، وفي ماهو لازم بعيداً عن كثرة الكلام الذي لا موجب له، ولقد خلّف أولاداً بررة اهتم -رحمه الله- بتعليمهم وتربيتهم حتى أصبحوا رجالاً متعلمين تولى كثيرٌ منهم مناصب كبيرة من بينهم القضاة و أساتذة الجامعة، وكنت أزورهم في المدينة المنورة ويزورونني في الرياض، وأجتمع بهم وأسركثيراً بما أشاهده فيهم من العقل والعلم والمعرفة، ولا شك أن ذلك نتاج تربيته الحسنة لهم- رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
(إنا لله وإنا إليه راجعون).