سهوب بغدادي
نستذكر رائعة مخاوي الليل الفنان الإنساني خالد عبدالرحمن «أبصملك على العشرة» أغلبنا سمعنا الأغنية وأحببناها، وإن لم نحبها فلقد رددناها بلا هوادة، إنها أغنية تعلق في الأذهان، باعتبار أنها تحمل جملة تؤكد حب الشخص و»تبصيمه» ليس مرة، بل عشر مرات بكل الأصابع المتاحة، إنها صورة جميلة وفريدة! في سياق أحاول أن يكون متصلًا، نعلم أن العقل البشري يعد من عجائب الله سبحانه، في بديع صنعه وتركيبه ووظائفه، ولكل شخص طريقة تفكير مختلفة، بالنسبة لي، فيما يتعلق بأغنية مخاوي الليل، فلقد كانت غائبة في أرشيف مخيلتي وتطلب الأمر سنين من سبر أغوار ذاكرتي لكي أسترجعها، والسبب موقف يومي معتاد ألا وهو التأخير عن الدوام بسبب حادث مروري على الطريق، كنت أحدّث نفسي وسط الزحام وأقول «ستفوتني البصمة بسبب خارج عن إرادتي» وبت أتكهن بالوقت الذي سأصل فيه إلى البصمة وأحسب الوقت وأضع الاحتمالات الإحصائية لتقريب المسألة في مخيلتي، لتباغتني الجملة «أبصملك على العشرة» لا أعلم حقًا لماذا العقل يفعلها على الدوام، ثم أتفكر في الجملة وأقول «نعم، أبصم بعشرة وعشرين لو أقدر» أعتقد أن التأخير والتوتر الملازم للبصمة أصبح إشكالية ترقى إلى «متلازمة البصمة» الإحساس بالتوتر والعصبية والسرعة في القيادة على الأغلب، وفي هذا السياق، أستذكر قصة أحد الأشخاص الذي اتجه إلى عمله في أفضل حالة نفسية «مروق» على حد تعبيره، وباغتته امرأة قامت بعكس الطريق، فوقع الحادث الأليم في لمح البصر وتضرر كلاهما، لكم أن تتخيلوا أول كلمة نطقت بها المرأة! «ممكن أبصم وأرجع لك هذه المدرسة!» وبالطبع ذلك الشخص سمح لها، فذهبت وعادت وتحمّل الخسارة والتكاليف بنسبة 100 %، الجدير بالذكر أن تكاليف الحادث تتجاوز يوميتها في حال التأخر على البصمة والخصم منه، لذا أذكر نفسي على الدوام وإياكم بأن البصمة مهمة لأغراض الانضباط والتنظيم، إلا أن الروح والسلامة أغلى من أي خصم، كما يستحسن أن تقدر الجهات وتراعي حالات التأخير للموظفين، خاصةً في حال كان الموظف ملتزمًا في أغلبية الأيام، والتوقف على كل حالة بشكل خاص ومنفرد، كأن يكون الموظف يأتي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وفي حال المعلمين والمعلمات من يأتي كل يوم من مدينة إلى مدينة أخرى، لذلك نتفهم طلب تلك المعلمة وغيرها ممن يقوم بالمستحيل ويكسر حاجز السرعة ليتلافى ذلك التأخير أو الخط الأحمر، إنها دعوة لتوخي الحذر والرأفة بانفس، والتفكر في العواقب الوخيمة للسرعة ومخالفة قواعد السير.
ختامًا، أتمنى أن تكون البصمة الوحيدة التي أهتم لأمرها هي بصمة الخير والأثر الطيب في حياة الأشخاص.