أحمد بن عبدالرحمن السبيهين
على متن القطار المُتّجه إلى «دنفر»، لاحظتُ رجُلاً يقرأ مجلّةً بالمقلوب! وقد بدا أنه يقرأ بالفعل، بدليل أنه يُقلّب الصفحات بانتظام.
ولكن عندما قمت من مقعدي ونظرت إلى الرجُل من أعلى، وجدت أنه بالرغم من أن غلاف المجلّة كان مقلوباً، إلا أن الصفحات الداخلية كانت في وضعها الطبيعي.
ولشدّة فضولي طلبت منه بأدب توضيحاً عما يفعل، فابتسم وطلب مني الجلوس إلى جانبه، وقال: «كلّما سافرتُ بالقطار، اشتريت مجلّة ونزعت الدبابيس من وسطها، وقلبت الغلاف الخارجي من الأعلى إلى الأسفل، ثم بدأت بالقراءة، ولا بدّ أن يُلاحظ أحد الركاب ما أفعل، ويشعر بالفضول من تصرّفي الغريب، وعندها أدعوه للجلوس وأُريه الصفحات الداخلية، فيسأل عن السبب وأُجيبه، ثم نتجاذب أطراف الحديث في مختلف المواضيع، ونصبح أصدقاء.. ولن تُصدّق عدد الأشخاص الذين ارتبطتُ بعلاقة صداقة معهم بهذه الطريقة».
بضاعتهم ردّت إليهم
دُعيَت فرقة المُشاة الأسترالية، المتمركزة في إنجلترا خلال الحرب العالمية الثانية، لزيارة مدينة «مانشستر»، فلبّت الفرقة الدعوة، واستمتعوا بوقتهم طوال تلك الزيارة.
وقبل مغادرتهم طلبوا إقامة احتفال بسيط عُقد في بهو المدينة، وقدّموا في نهايته مجموعة رائعة من التُحف الأصلية الأسترالية النادرة التي لا تُقدّر بثمن، إلى عُمدة المدينة المذهول والذي لم يُصدّق عينيه، تعبيراً عن تقديرهم لكرم الضيافة.
هكذا جرت الأمور، إلى أن جاء اليوم التالي، وبعد أن غادرت فرقة المشاة إلى قاعدتها العسكرية، لينتشر خبر صادر من شرطة المدينة، بأن عصابة محترفة سطت على متحف «مانشستر»، واستولت على كامل الكنوز الأثرية والتُحف الأصلية، التي نقلتها بريطانيا من مُستعمرتها الأسترالية السابقة، وتبيّن أن اللصوص باعوا هذه التُحف إلى أهلها الأستراليين بسعر زهيد.
النظام هو النظام
كان السيد «هوراس تافت»، مدير كليّة «تافت» العريقة في ولاية «كوناتيكت»، مشهوراً بحزمه وانضباطه، وكذلك بروحه المرحة.
وقد كان هناك قانون في الكليّة لا يمكن تجاوزه، وهو منع إجازات الطلاب غير المجدولة مُسبقاً منذ بداية العام الدراسي.
ولذلك فقد حدثت مشكلة فريدة حين تقدّم ابن أخ المدير «وليام تافت» بطلب الموافقة على إجازة قصيرة، للسفر إلى «واشنطن» لحضور حفل تنصيب والده «هوارد تافت» رئيساً للولايات المتّحدة الأمريكية.
وبعد مناقشة الموضوع في مجلس إدارة الكليّة، جرت الموافقة على الطلب، ولكن ليس بصورة استثنائية للقانون الحازم وغير المنحاز لأحد، ولكن تنفيذاً لقانون جديد تمّ استحداثه اعتباراً من تاريخه، ويقضي نصّه: «بالموافقة على طلب إجازة لأيّ طالب يُنتخب والده رئيساً للولايات المتّحدة، لحضور حفل التنصيب».
الحياة في هذه الولايات
- كان لدينا عاملة منزلية تعمل بجدٍّ وإخلاص، ولكن زوجها، بالرغم من شخصيّته الاجتماعية المرحة، ولطف تعامله مع الآخرين، إلا أنه لم يستطع التأقلم في أيّ وظيفة يعمل بها، مما حدا به إلى اليأس من البحث عن أيّ عمل مناسب، والبقاء عاطلاً في المنزل.
وفي إحدى المرّات سألتُ العاملة عن سبب تحمّلها للعيش مع زوجها وصبرها عليه، فقالت بدون تردّد: «إن أمورنا تجري بهذا الشكل: أنا أوفّر أساسيات الحياة، وهو يجعل هذه الحياة ممتعة وتستحقّ أن نحياها».
- وقف أحد القرويين، الذي وصل حديثاً إلى المدينة، أمام آلة البيع الذاتية الأوتوماتيكية، وكان جيبه مليئاً بالقطع النقدية.
وضغط على زرّ يقدّم شطيرة، مقابل قطعتين نقديتين، فأخذ الشطيرة، وكرّر العملية حتى جمع عشرين شطيرة.
فقال له أحد المارّة، الذي كان يراقب ما يجري: «ألا تظنّ أنك اشتريت ما يكفي من الشطائر»؟
فردّ القروي بحِدّة: «أتريدني أن أنسحب من اللّعبة الآن، وأنا في قمّة انتصاري»!؟
- عُلّقت لافتة على مدخل معرض للسيارات المستعملة، تقول: «نحن نشتري سيارتك مهما كانت حالتها سيّئة، فقط اضغط على البوق، حتى لو كان هو الوحيد الذي يعمل، ونشتريها».
أقوال مأثورة
- قال الفيلسوف رالف والدو إيمرسون: «أنا أؤمن كثيراً بالحظّ، وكلّما اجتهدتُ في عملي، بدت إمكانية الحصول عليه أكبر».
- قال نيتو ديل ريو: «غالباً ما يكون البال خالياً، عندما تكون الذاكرة سيّئة».
- يُقال: «إن ما تسمعه، لا يُساوي نصف ما تسترق سمعه في الأهميّة».
** **
• مجلة ريدرز دايجست - شهر مارس 1947
• مجلة ريدرز دايجست - شهر يوليو 1944