سلمان بن محمد العُمري
من السلوكيات والصفات الممقوتة (التعميم) بلا قيود ولا ضوابط، سواء أكان مدحاً أم قدحاً، فهذه الأحكام العامة والعمومية لا يقبلها عقل ولا منطق، وحينما يقوم أحدهم بالتوكيد على إصدار حكم عام على أهل بلد معين دون سائر البلدان فهذا حكم غير منصف، ولو كان مدحاً وثناءً، فكيف إذا كان عكس ذلك كأن يصف أهل بلد بالبخل أو التميع أو الكذب، أو بالفضول وشغفهم الكبير على معرفة كل شيء، فلا شك أنه غير مقبول البتة بأي حال من الأحوال، وذلك لأن الناس تتفاوت وتتباين، وقد تكون النسبة أعلى ولكن صفة التعميم المطلقة لا ينبغي التسليم بها ولا قبولها مطلقاً.
إنه من الظلم أن نجعل من السعوديين حالة استثنائية في مسألة الشغف ومتابعة الأحداث والحوادث بكل تفاصيلها وكأنهم الوحيدون والمتميزون في هذا الأمر، فهذا الشغف أو الفضول أو محبة الاطلاع على تفاصيل الأمور، ودقائق الأخبار ظاهرة إنسانية عالمية، وقبل انتشار وسائل الإعلام ومن بعدها وسائل التواصل الرقمي والاجتماعي الحديثة التي قربت البعيد وجعلت من العالم قرية واحدة، وكل ما هو متاح الاطلاع عليه عبر المواقع الإعلامية العامة أو عبر مواقع التواصل الخاصة وليس فيه محاذير شرعية أو أمنية، فالأمر فيه سعة -ولله الحمد- على ألا يكون هناك مضيعة للوقت وأمور الدين والدنيا في تتبع الأخبار والأحداث والأحوال، ويبقى ثمة أمر لا بد من التنبيه عليه ألا وهو ألا يكون حب الفضول والإشراف وتتبع الأخبار داعياً لهتك أسرار الناس وخصوصيتها، فهناك من يرمي به الفضول إلى القفز على خصوصيات الناس باختراق الأجهزة والاطلاع على أسرار الناس، وهذه مخالفة شرعية وأمنية وأخلاقية، ففي أجهزة الناس أعراض لا ينبغي أن تخدش أو تمس وخفايا مستورة لا تكشف ولا تجسس، والأجهزة الخاصة حرام هتك أستارها، وهتك حجابها والاطلاع على أسرارها.
وأمر الشغف والفضول وحب الاستطلاع نراه في كل مكان حتى في الشوارع العامة وليس لدينا فحسب بل في كل دول العالم: فلو أن حادثاً وقع في أحد الطرق لرأيت الجميع حينما يمرون على هذا الحادث يأخذون نظرة طويلة فاحصة على الحادث، ولو كان يسيراً بل منهم من يقف بسيارته لا ليشارك أو ينقذ بل ليتفرج وهي ظاهرة عالمية رأيناها رأي العيان في بلدان كثيرة، ومع تزايد الأخبار وسهولة الحصول عليها عبر أجهزة التقنية الحديثة اعتقدنا أن شغف الناس قد زاد، وأرى الغريزة فطرية عند الناس.
ويتبقى الأمر المهم ماذا بعد الاطلاع على الأخبار والأحداث ومتابعتها وبتفاصيلها الدقيقة أرى أن يقف الإنسان عند حدود ما رأى ولا يعيد بث الأخبار إلا ما شاء الله وخاصة ما يتعلق منها بالجوانب الوطنية والأمنية وألا يكون «بوقاً» يردد ما سمع وما قرأ، ويتجنب الأخبار الكاذبة والإشاعات وما يمس أحوال الناس الشخصية ولا يتعرض لها.