خالد بن حمد المالك
كتب من كتب، وتحدث من تحدث على مدى 75 عاماً عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وتداعياته من مجازر وتهجير وحرب إبادة ضد المدنيين الفلسطينيين، وقال من قال بأن أمريكا تنتصر للغاصب، وتساند المحتل، وتدعم القاتل، ولا تتردد في كشف موقفها المنحاز لإسرائيل، والتصدي لكل قرار أُممي يُجرّم أفعال إسرائيل.
* *
يحدث هذا، وعلى رؤوس الأشهاد، ومن دون تستّر، وبشكل مكشوف، ومُعلن، ما جعل الموقف من تحرير الأراضي الفلسطينية عسيراً وصعباً، وبالتالي استمرار إسرائيل في تصعيد جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وإمعانها في قتل كل صوتٍ حرٍّ يطالب بحقوقه المشروعة.
* *
والآن كما في الماضي يتحدث داعمو إسرائيل عن دولة للفلسطينيين، عن خيار الدولتين، عن أن السلام والاستقرار في المنطقة، وفي إسرائيل تحديداً لا يمكن تحقيقهما ما لم تكن للفلسطينيين دولتهم، وما لم يتحقق لهم نَيْلُ حقوقهم المشروعة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ولكنه كلام غير جاد، والغرض منه امتصاص الحماس الفلسطيني في أخذ حقوقهم بالقوة، بعد أن فشلت في استردادها بالحوار والاتفاقيات.
* *
أليس إسرائيل هي من يتحدث قادتها بأن اتفاق أوسلو خطأ يجب عدم تطبيقه، وأن أحداً لن يفرض على إسرائيل القبول بدولة فلسطينية، وأن هذه الدولة لو قامت على حدود 1967م فإن هذا يعني أن إسرائيل إلى زوال، أليس إسرائيل هي من تتحدث بأنها لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية، وأن الحل يكمن في تهجير الفلسطينيين إلى دول تقبل بهم، وأن مشروعها الاستيطاني بدأ مبكراً في إقامة مستوطنات في الضفة الغربية، ولا زال هاجسها بعد توقف الحرب في قطاع غزة أن تعود إلى احتلاله، وأن تزرع بؤراً استيطانية لتهويده، كما يحدث الآن في الضفة.
* *
تذكروا أن إسرائيل وسياساتها العدوانية في حماية الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، وأنها الدولة المدللة التي لها الحق -استثناءً- في رفض قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والمحاكم الدولية، ولا أحد يسألها أو يحاسبها على جرائمها ضد الفلسطينيين، بل إنها لا تكتفي بعدم الإذعان للقرارات الدولية، وإنما تندد بها، وتعلن رفضها وعدم تطبيقها، دون أن تجد من يردعها، وإذا عُرف السبب بطل العجب، فإسرائيل شرطي أمريكا وقاعدتها الموثوقة في المنطقة، ومصدر مصالحها.
* *
هناك دول في أوروبا وغير أوروبا، رغم محدوديتها، وضعف إمكاناتها المؤثرة في الموقف، تعلن عن تضامنها من حين لآخر مع الفلسطينيين في مقاومتهم للعدوان الإسرائيلي، وتجريم ما تمارسه تل أبيب من حرب إبادة، وتعامل عنصري بغيض مع الشعب الفلسطيني المحتل، دون احترام والتزام بحقوق شعب تحت الاحتلال، لكن هذا التضامن لا يفعل شيئاً أمام الموقف الأمريكي وحلفاء أمريكا في تمرير العدوان الإسرائيلي على أنه دفاع عن النفس كما تزعم إسرائيل.
* *
وَقَدَرُ الفلسطينيين أن يواصلوا القتال، ويقدموا التضحيات، متمسكين بمطالبهم وأرضهم وحقوقهم، لا يثنيهم عن ذلك عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، ولا تجريف أراضيهم ومدنهم ومساكنهم، بأمل أن تكون نهاية النفق إطلالتهم على شعاع دولتهم القادمة وعاصمتها القدس.