فضل بن سعد البوعينين
تشكل شبكة الطرق جانباً مهماً من الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، ما جعلها أولوية لمشروعات التوسعة والتحديث وبما يتوافق مع الرؤية الإستراتيجية لجعل المملكة مركزاً لوجستياً عالمياً.
الاهتمام بالطرق، مكّن المملكة من التقدم في مؤشر جودة البنية التحتية للطرق، حيث احتلت مؤخراً، المركز الرابع عالميّاً بين دول مجموعة العشرين، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2023، ومن المتوقع أن تسهم إستراتيجية النقل الجديدة، ومشروعاتها المهمة، في رفع تنافسية المملكة، وتعزيز تصنيفها العالمي في جودة الطرق.
تطوير القطاع يعني دعماً مباشراً للاقتصاد الوطني، وتحفيزاً للاستثمارات، وتمكين قطاع التجارة وتعزيز الصادرات وتحقيق نمو قطاع الأعمال. ومن جهة أخرى فللقطاع أهمية قصوى في تعزيز الأمن الوطني من خلال توفير شبكة نقل فاعلة وآمنة معززة للجهود الوطنية في حالتي السلم، والأزمات الطارئة، وقادرة على ربط مناطق المملكة الشاسعة، وحدودها ببعضها البعض، وتوفير الدعم اللوجستي في الوقت والمكان المناسبين اللذين تفرضهما الحاجة.
تدشين طريق الظهران سلوى في المنطقة الشرقية، عكس جانباً مهماً من المشروعات النوعية التي يتم تنفيذها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية، وفي مقدمتها خلق شبكة طرق دولية متكاملة داعمة للاقتصاد الوطني ومعززة لشبكة الطرق الدولية.
سيسهم المشروع في تعزيز الترابط بين المدن الصناعية في المنطقة، وخفض زمن الرحلة بينها، ونقل حركة الشاحنات العابرة إلى المنافذ الحدودية، ومناطق المملكة إلى خارج النطاق العمراني، إضافة إلى اختصار ساعة من زمن الرحلة للراغبين في الذهاب إلى دولتَي قطر والإمارات العربية المتحدة وهو إنجاز مهم سينعكس إيجاباً على حركة المسافرين، إضافة إلى سهولة تدفق البضائع والسلع من وإلى الدول المجاورة.
سمو أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أكد خلال تدشينه طريق الظهران سلوى، على أن الدولة، رعاها الله، «تضع في الاعتبار كل ما من شأنه توفير الراحة للمواطنين والمقيمين، التي تشمل تنفيذ وإنشاء شبكات الطرق الرئيسة والفرعية في المملكة، والتي تعد إحدى أهم الممكنات لعديدٍ من القطاعات الحيوية والواعدة والمساهمة في تحقيق رؤية السعودية 2030م». وللأمانة كانت لسمو أمير الشرقية رؤية استباقية لأهمية تطوير الطرق الدولية والداخلية في المنطقة، وأثرها المباشر على المسافرين، وسلامتهم، والاقتصاد الوطني، وكان حريصاً خلال العقد الماضي في جميع اجتماعات مجلس المنطقة ولقاءاته بأصحاب المعالي الوزراء، على سرعة تنفيذ وتطوير وتوسعة شبكة الطرق، وبما يعزز اقتصاديات المنطقة، ويسهم في دعم التجارة البينية وحركة المسافرين وضمان سلامتهم، ورفع تنافسية القطاع وجودة الطرق، وكأنما قرأ واقع الحاجة الذي نعيشه حالياً، ومتطلبات إستراتيجية النقل الجديدة. متابعة دقيقة من سموه، وتحفيز لجهود الجهات ذات العلاقة، ومعالجة التحديات التي تواجهها من أجل سرعة تنفيذ المشروعات.
تعتبر المنطقة الشرقية من أكثر المناطق ارتباطاً بالحدود الدولية البرية ومحور ربط بينها وبين دول الخليج الخمس وبعض الدول العربية ما يعطيها بعداً إستراتيجياً مؤثراً، ومتطلبات خاصة في منظومة الطرق الحالية والمستقبلية. فكل مشروع جديد يسهم في تسهيل عمليات الربط البري بين موانىء المنطقة الشرقية الأربعة والأسواق المحلية، وأسواق دول الجوار أيضاً، وبما يعزز التجارة البينية، ويسهل عمليات النقل الداخلي.
استثمار الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمملكة يتطلب مزيداً من الاستثمارات الموجهة لشبكة الطرق في المنطقة، فما يحدث اليوم من تحديات أمنية في البحر الأحمر فرضت على ناقلات الشحن تغيير مسارها المعتاد في البحر الأحمر، ومن الطبيعي ان تكون موانىء المنطقة الشرقية البديل الأكثر جاهزية في وقت الحاجة، ما يؤكد أهمية العمل الإستراتيجي لتحقيق الاستثمار الأمثل للمقومات أولاً، ثم توفير البدائل المناسبة لمواجهة الأزمات الطارئة. وهذا لا يرتبط بمنظومة الطرق التي توفر الدعم اللوجستي للموانىء وحركة التجارة فحسب، بل وبالسكك الحديدية التي سيكون لتنفيذها أكبر الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني، ومستهدفات الرؤية.
طريق الجبيل محور ينبع، المزمع تنفيذه مستقبلاً، من الطرق المهمة في المنطقة والداعمة لإستراتيجية النقل، وهدف تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي. فالطريق في حال إنشائه سيربط المدينتين الصناعيتين، وميناءي رأس الخير، والجبيل التجاري، والمنطقة الاقتصادية الخاصة في رأس الخير، بغرب المملكة، مروراً بمنطقة القصيم، مشكلاً بذلك طريقاً إستراتيجيةً موازيةً لطريق الظهران الرياض، وبما يعزز الأمن الوطني، والاقتصادي أيضاً.
طريق حيوي يحقق الأمن الإستراتيجي والازدهار الاقتصادي لمناطق الشرقية، القصيم، والمدينة المنورة، ويدعم الاقتصاد الوطني وإستراتيجية النقل والخدمات اللوجستية وهدف تحويل المملكة إلى مركز عالمي للخدمات اللوجستية. كل ما نرجوه أن يكون للمشروع الجديد أولوية قصوى لدى وزارة النقل، إضافة إلى استكمال صيانة وتوسعة طرق الشرقية بالجودة والكفاءة العالية وسرعة الإنجاز.