من يريد أن يتعرف على آخر ما توصلت إليه التقنيات الحديثة في الإعلام وعلى كل الصعد المحلية والإقليمية والدولية، عليه فقط بضغطة زر ليأتيه تدفقٌ هائلٌ من المعلومات مبذولة في كل مكان، تتحدث عن النجاح الباهر الذي أصاب الملتقى السعودي للإعلام في نسخته الثالثة، حيث سيجد المتخصصون في الشأن الإعلامي، والمهتمون والمتأثرون به كل جديد ومثمر ومذهل.
وقبل الدخول في أضابير الملتقى الإعلامي لا بد لنا من وقفة تأمل وإعجاب للقفزات الكبيرة التي شهدها الإعلام السعودي بفضل رؤية 2030 التي وفرت له حرية التعبير وفق مسؤولية إعلامية تضع نصب عينيها المصلحة العليا للمجتمع، متلازمة باحترام القيم والمبادئ الإسلامية والوطنية. وقد استفاد الإعلام من هذه البيئة المحفزة فطور بنيته التحتية الرقمية، واستخدم أحدث التقنيات الحديثة، كل هذا جاء مقروناً بظهور جيل إعلامي شاب مؤهل له القدرة على الإضافة ورفع مستوى الأداء والتأثير على المستويين الإقليمي والدولي.
وصار الإعلام يسهم في الناتج المحلي حيث تشير الإحصائيات وحسب وزير الإعلام السعودي بأكثر من 14 مليار ريال في العام السابق بالإضافة لتوفيره فرصاً توظيفية ضخمة.
فالرؤية التي تشتمل على محاور ثلاثة ترتكز على مكامن القوة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، ويعد المجتمع الحيوي محوراً أساسياً من محاور الرؤية، ويعتبر هو الركيزة التي تؤدي إلى نهضة المملكة العربية السعودية، ثم محور الاقتصاد المزدهر، ومحور الوطن الطموح، ولما كانت رؤية المملكة 2030م ذا طابع شامل، فقد تجلت ثمارها اليانعة في تلك القفزات التي شهدها مجال الإعلام بمؤسساته المختلفة في تعزيز الدور الاجتماعي وانسياب المعلومات التوعوية وتوسيع المشاركة لدعم جهود الدولة في جعل رؤيتها حاكمة وواضحة للمجتمع حيث إن مفهوم ترسيخ الرؤية أمر حيوي بالغ الأهمية أدى إلى إيجاد رأي عام مستنير قادر على استيعاب النقلة الهائلة في الرؤى وأسهم في تقوية الاقتصاد الوطني وأعطى الثقة للمُنتج المحلي.
ولعل وسائل الإعلام وما لها من تأثير من الأهمية بمكان استطاعت بها السعودية أن تتبنى سياستها الرامية للتوعية الراشدة لتعزيز مكانتها وتتبوأ بها موقعها الطليعي والطبيعي بين الأمم.
والإعلام بكل وسائله الحديثة وأدواته المتعددة قادر على تعميق رؤية المملكة 2030 وتوظيف التنوع وإيجاد حالة إقناعية تأثيرية تسهم في تغيير انطباعات الجماهير المتعددة للمملكة إقليمياً وعالمياً وربط الذهن الجمعي بأنها موجودة في تطوير المشهد العالمي بوسطيتها واعتدالها لأنها بدأت خطواتها المتسارعة لتكون مركزاً عالمياً في كل المجالات.
وبالعودة للملتقى السعودي للإعلام نجده قد أدرك مبكراً أن وسائل الإعلام الحديثة ارتقت وظيفتها من أدوارها التقليدية، وغدت جزءاً لا يتجزأ من عملية صنع القرار دعماً وإسناداً، لذا أصبح دور الإعلام أداة حاسمة في تشكيل طبيعة التواصل بين الحكومات، وشعوبها وأخذ يلعب دوراً بارزاً في التوجهات الإستراتيجية التي تستهدف توجيه الرأي العام، وتشكيل اتجاهاته، وتحديد اختياراته وهو ما يمكن أن نطلق عليه إستراتيجية المحتوى.
واستعداده ليكون رافعة حقيقية لنقل تجربة المملكة ورؤيتها للعالم، وتوظيف التغيرات البنيوية الجذرية في البيئة الاتصالية الحديثة والاستفادة منها في الاستثمار لتوليد المعرفة.
والإعلام السعودي نجح في رسم صور ذهنية دينية وترسيخها عبر برنامج خدمة ضيوف الرحمن: التركيز على التطور التقني والتكنولوجي من قبل المملكة عبر توظيف الذكاء الاصطناعي فالسعودية اليوم تستعين بعربات كهربائية وروبوتات تعريفية وأخرى للتعقيم في خدمة ضيوف الرحمن.
الملاحظ هنا تلك الأفكار العملاقة التي تنفذها المملكة على كل الأصعدة، نجحت في تغيير صورة العربي (كل العرب على السواء من المحيط للخليج) تلك الصورة النمطية عن العربي وهو على ظهر جواده الأصهب يقطع الوديان والسهول من أجل الكلأ والغزو، مروراً بذات البدوي وهو يلعب بالدولار ومتكئ في خيمته وحوله آبار النفط ويتحكم في الاقتصاد العالمي إلى ذياك العربي الملتحي الإرهابي الذي يقتل من أجل النساء والدين ويهدد دويلة إسرائيل والحضارة الغربية، حيث كرست السينما الغربية لذات الصورة النمطية لفترات طويلة حتى أصبح العربي في المخيلة الغربية عبارة عن خيال مآتة مكتنز بالمال والبلاهة والسطحية.
استمرت هذه الصور لتشكل الوعي الجمعي للغرب عن الإسلام أو العربي بوجه عام، إلى أن ظهر الجيل الفضائي الذي صار يشارك رواد الفضاء في ناسا رحلاتهم العلمية الاستكشافية، وأصبح موجوداً كتفاً بكتف على كل الأصعدة.
وفي هذا السياق، يلاحظ المتتبع للمشهد قوة الإرادة السعودية في التغيير عبر تقديم مضمون اقتصادي ثقافي اجتماعي رياضي اجتماعي يقوم على الحداثة.
ولعل المتمعن للمشهد الإسلامي الحاضر، يتبين عظم مسؤولية الإعلام السعودي الذي يمثل نموذجاً بكامل الخصوصية الدعوية لتطبيق الهوية الإعلامية الإسلامية ونقل رسالة العقيدة الصحيحة بأركانها ومرتكزاتها الحنيفة إلى الأمتين العربية والإسلامية وللعالم، والسعي مع كافة الأجهزة العربية والإسلامية لطرح رؤية إعلامية عربية إسلامية موحدة ومتميزة لتجذير مفاهيم العقيدة الصحيحة.
فالسعودية تمتلك خارطة الطريق لتحويل الإعلام العربي إلى جزوة مشتعلة ومتألقة ومنافسة اقتصادياً وثقافياً وإعلامياً وقد تغلبت على كل التحديات بفضل الإرادة القوية في سبيل أن تكون قائدة للإعلام العربي ومركزاً عالمياً في صناعة المحتوى الإعلامي المتميز. وما الملتقى الإعلامي -إلا دليلاً دامغاً- الذي شهد زخماً من كل خبراء الذين جاءوا لتحليل الإعلام ومساره المتطور في ظل عصر رقمي يأتي يومياً بالجديد وقبل أن ينتهوا من إكمال حديثهم عن تطور ما يفاجئهم مسؤول أو وزير بتطور إعلامي آخر في طور التدشين.
والإعلام السعودي وبكل هذه الإستراتيجيات والتصميم والمخيلة المبدعة قادر فعلاً على صناعة منظومة إعلامية واستقطاب شراكات قوية بما يمتلكه من أدوات وأعتقد أنه مسؤول عن التمثلات العربية وتشكيل واقع إعلامي عربي مختلف يضاهي الإعلام الغربي. ليخاطب ويصافح المستقبل بثقة.
شكراً للمنتدى السعودي للإعلام في نسخته الثالثة لهذا الزخم المعلوماتي المبهر والملهم وهو يضع خارطة الطريق لإعلام عربي حديث ومتطور حيث لا حدود للإبداع.
وهنيئاً لكل صُنّاع المحتوى وأصحاب الشغف من الداخل السعودي أو العربي الموهوبين والمبدعين لتقديم محتوى متميز في ظل تطور رقمي متسارع عبر منصات إعلامية طموحة تبرز محتوى عربياً خلاقاً وبناء جسور من التواصل مع المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية.