إيمان حمود الشمري
قبل أيام حضرت توقيع اتفاقية بين جمعية حرفة وجامعة دار العلوم تضمنت منح الجمعية مقر لها في الجامعة والتعاون معها في التدريب والبحوث والأنشطة، شعرت وقتها بالفخر والاعتزاز لتلك المبادرة، ولهمة الجمعية بتعزيز هويتنا الوطنية، أعادت لي تلك الفعالية الذاكرة لرحلتي إلى الصين، عندما زرتها بجولة إعلامية عام 2022، حيث لفتني اهتمام الصينيين بالحرف اليدوية واعتزازهم بتراثهم بالرغم من تقدمهم اللافت بالتكنولوجيا، إذ كان ضمن جدول الزيارات مصانع الزجاج، التي رأيت فيها صناعاتهم على الزجاج الملون والفخار، وزرت أشهر مصانع الألعاب التي ترتدي الأزياء الصينية بحسب الرتب المجتمعية والدينية، حيث كل زي يشير إلى طبقة معينة! كما شاهدت مصانع الحرير والشالات التي تحمل رسومات لمعالم الصين، فاهتمام الصينيين بتصدير تاريخهم وتراثهم كان ولازال أحد أهم مصادر قوتهم وانطلاقهم.
وعلى نفس الخُطى تسير جمعية (حرفة) التي تأسست عام 2008 في مدينة بريدة، ويرأس مجلس إدارتها سمو الأميرة نورة بنت محمد بن سعود، حرم سمو أمير منطقة الرياض، ويتكاتف في مجلس إدارتها سيدات وسادة يعملون بشغف لنشر ثقافة الاهتمام بالحرف اليدوية، إذ تعتبر جزءًا أساسيًا من تراثنا العريق، الذي يحمل قصصًا وتقاليدَ تعكس هويتنا الوطنية.
وسرّني أن ألتقى بالدكتورة دليل القحطاني التي تحمل شهادة الدكتوراه بالسدو، حيث أشارت إلى أن السدو قد نراه في عدة بلدان ولكن السدو السعودي له نقوش تميزه، وما كل سدو ينسب إلينا. معلومات قيمة وزيارة ثرية شاهدت خلالها الحرف اليدوية، ولفتني أهداف الجمعية السامية التي تحرص على نقل المهارات اليدوية القديمة من جيل إلى جيل، وتساهم في إزاحة الهاتف (الجوال) من يدهم، لتخبرهم أن أيديكم بإمكانها أن تكون أكثر إنتاجية من ضغط الأزرار.
وتشجعهم على اكتساب مهارات جديدة تعزز الابتكار والإبداع، في صناعات عدة مثل : الخوص، والسدو، والجلود.. وغيرها.
جمعية (حرفة) مسيرة تشارك الوطن في نسج جزء من رؤية المملكة 2030 بتوثيق أهدافها وشرحها بطريقة مبسطة دون تعقيد، إذ تساهم في الناتج الاقتصادي الحرفي من خلال دعم الصناعات اليدوية، وتوفير فرص عمل لزيادة الدخل، وتشجيع السواح على تجربة واكتشاف ثقافتنا، وتسليط الضوء على تنوع الثقافات والتقاليد التي تميز المملكة، لأنها تؤمن أن الحرف اليدوية وسيلة فعالة للتواصل والتقارب بين الشعوب، وتلعب دورًا حيويًا في ترسيخ الثقافة والتراث. لذا بقيت جمعية (حرفة) حتى يومنا هذا كصرح رائد في الحفاظ على الموروث الشعبي.